سيناريوهات مستقبل الصراع في البحر الأحمر وانعكاساته على اليمن
تقرير: علي عبد الجواد
ازدادت حدة التوترات في البحر الأحمر مؤخرًا، مما ألقى بظلاله على آمال التوصل إلى حل سياسي للصراع في اليمن، تصر جماعة الحوثيين على فصل مسار السلام اليمني عن تهديدها للملاحة الدولية، الأمر الذي اعتبره أطراف النزاع اليمني محاولة من الحوثيين للتهرب من مسؤولية حل الصراع في اليمن وعرقلة جهود السلام، وخدمة للأجندة الإيرانية الرامية إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
سيناريوهات الصراع في البحر الأحمر
السيناريو الأول: استمرار الوضع على ما هو عليه
يتضمن استمرار الهجمات الحوثية مع تصعيد تدريجي بهدف توسيع نفوذ الجماعة إقليميًا، وتحدي الهيمنة الأمريكية كجزء من الأجندة الإيرانية، واستمرار مهمة التحالف الأمريكي لفترة طويلة مع خوض حرب استنزاف ضد الحوثيين.
وهو ما قد يؤدي ذلك في النهاية إلى تصعيد أمريكي أو على الأقل تغييرات استراتيجية في المنهجية العسكرية الأمريكية لمواجهة التصعيد الحوثي.
السيناريو الثاني: حرب أمريكية برية محدودة ضد الحوثيين
يتضمن تسليح الولايات المتحدة لإحدى فصائل النزاع اليمني لشن حرب بالوكالة ضد الحوثيين، مما يؤدي إلى إخلال التوازن القوى لصالح الفصيل المدعوم أمريكيًا، خاصةً إذا تم اختيار المجلس الانتقالي الجنوبي لهذه المهمة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع داخل اليمن.
السيناريو الثالث: تصعيد حوثي يوسع الحرب الإقليمية
يتضمن اختيار إيران لتصعيد قوي عبر الحوثيين والخروج عن قواعد الاشتباك من خلال استهداف إسرائيل أو سقوط قتلى أمريكيين أو إسرائيليين.
يؤدي هذا التصعيد إلى شن حرب موسعة ومكثفة ضد الحوثيين بدعم دولي.
يهدد هذا السيناريو بتوسع الصراع الإقليمي عبر انخراط إيران والولايات المتحدة في حرب بالوكالة تكون ساحتها الأراضي اليمنية والبحر الأحمر.
انعكاسات الصراع على احتمالات التسوية اليمنية
من غير المحتمل أن تتراجع الجماعة الحوثية عن انخراطها في الصراع الإقليمي وهو ما سيعمل على تعطيل انجاز التسوية السياسية، بما قد يدفع أطراف النزاع ناحية التصعيد العسكري لإجبار الجماعة على العودة إلى طاولة المفاوضات.
في حال اختارت الولايات المتحدة شن ضربات برية ضد الجماعة سواء بشكل محدود أو موسع فإن ذلك السيناريو سيضمن تجدد النزاع وتراجع إمكان الحل السياسي حتى انتهاء الحرب التي قد تؤدي إلى تغير موازين القوى داخل اليمن.
تشير كثير من التصريحات الحوثية المباشرة وغير المباشرة إلى احتمال استمرار الهجمات الحوثية في البحر الأحمر حتى بعد وقف إطلاق النار تحت ذريعة ضمان تنفيذ شروط الهدنة وغيرها من الحجج، بما يعني إصرار حوثي واضح للانخراط بفاعلية في الصراع الإقليمي.
استنتاجات
● يؤدي استمرار الهجمات الحوثية إلى انخراط مزيد من الأطراف الإقليمية والدولية في النزاع اليمني وهو ما قد يعقد الحل ويخلق تعارض مصالح بين تلك الأطراف بشأن حسم السلام اليمني أو عرقلته.
● أدى نجاح الهجمات الحوثية كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة إلى مزيد من الاهتمام والحرص الإيراني على تكثيف استخدام تلك الهجمات ودعم الجماعة الحوثية باعتبارها باتت ورقة إيرانية رابحة، وهو ما يهدد بزيادة القوة الحوثية عبر تسليح إيراني ويخل بتوازن القوى داخل اليمن لمصلحة الحوثيين.
● يعبر التصعيد الحوثي من خلال الإعلان عن “المرحلة الرابعة” عن رفض حوثي واضح لكافة الضغوط الأمريكية التي ربطت استئناف عملية السلام بوقف الهجمات.
● من غير المحتمل شن الولايات المتحدة لحرب برية مباشرة أو غير مباشرة داخل اليمن بمعزل عن دعم وتمويل الحلفاء الخليجيين لتلك الحرب، وهو الدعم الذي يبدو غائباً في ظل رغبة المملكة والإمارات عدم التورط في الحرب مجدداً.
● يمثل التصعيد المحدود تجاه الجماعة داخل اليمن خياراً هاماً لردع الجماعة عن عرقلة السلام، لكن أي تصعيد قد يكون غير مضمون العواقب بما قد يشعل صراعاً موسعاً داخل اليمن ويؤجل أي فرص لإحياء السلام.
● رغم الخطاب التصعيدي المتنامي بين كافة الفصائل اليمنية فإن استمرار حالة اللاحرب واللاسلم لما يربو على عامين تؤكد تراجع الرغبة اليمنية بشكل عام في العودة إلى جبهات القتال مرة أخرى بعد نزاع دام عشر سنوات دون حل ناجع.
● تمثل الأزمات الاقتصادية الطاحنة سواء داخل مناطق سيطرة الحوثي أو مناطق الحكومة الشرعية إلى لجوء كافة الأطراف لاستخدام العامل الخارجي للإلهاء عن ملفات الفشل الداخلي، ومن ثم فإن التركيز على حل المعضلات الاقتصادية سيؤدي إلى تراجع التصعيد بشكل كبير.
● تملك الولايات المتحدة خيارات محدودة أمام التصعيد الحوثي، خاصة في ظل تعاملها كرد فعل على التصعيد الحوثي والمبادرات الهجومية من جانب الجماعة، بما يجعل الحوثيون الطرف المستقل في المعادلة والأكثر تحكماً في مسار الأحداث، في ظل غياب منهجية غربية واضحة في التعاطي مع الخطر الحوثي.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي