زعماء الاتحاد الأوروبي يتفقون على أسماء قيادات الكتلة لمدة 5 سنوات
تقرير: محمد علاء
اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي، خلال القمة التي عقدت يوم الخميس، في بروكسل، على أسماء القيادات السياسية للكتلة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتم ترشيح أورسولا فون دير لاين رئيسة للمفوضية الأوروبية، وأنطونيو كوستا رئيسا للمجلس الأوروبي، وكاجا كالاس رئيسة وزراء إستونيا لمنصب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، على رئيسي وزراء إيطاليا والمجر، جورجيا ميلوني وفيكتور أوربان.
كما وفق زعماء الكتلة، على الأجندة الإستراتيجية، التي تتضمن الخطوط العريضة من الطموحات تهدف إلى توجيه العمل المستقبلي للمرشحين الثلاثة.
شرط للتعيين الرسمي
ترشيحات فون دير لاين وكالاس ليست نهائية، حيث تحتاج إلى موافقة البرلمان الأوروبي، بينما كوستا، رئيس وزراء البرتغال السابق، يتم انتخابه تلقائيا من قبل القادة، وسيتولى منصبه في الأول من ديسمبر المقبل.
موقف إيطاليا والمجر
صرح العديد من الدبلوماسيين ليورونيوز، بأن رئيسة وزراء إيطاليا، صوتت ضد “كوستا” و”كالاس”، فيما امتنعت عن التصويت على “فون دير لاين”.
من جانبه، صوت رئيس وزراء المجر، ضد “فون دير لاين”، ودعم “كوستا”، وامتنع عن التصويت على “كالاس”.
شكر موجه للقادة
أعربت “فون دير لاين”، عن امتنانها للقادة الأوربيين الذين أيدوا ترشيحها لولاية ثانية، مؤكدة أنه الأمر يشرفها للغاية.
من جانبه، شكر رئيس الوزراء البرتغالي السابق، عائلته الاشتراكية والحكومة البرتغالية على دعمهم، مشيرًا إلى شعوره بإحساس قوي بالمهمة، حيث سيتولى رئاسة المجلس الأوروبي.
أكد “كوستا”، أنه سيلتزم التزامًا كاملًا بتعزيز الوحدة بين جميع الدول الأعضاء الـ27، كما سيركز على وضع الأجندة الاستراتيجية على المسار الصحيح.
فيما قالت “كالاس”، إن هذه مسؤولية هائلة في تلك اللحظة من التوترات الجيوسياسية، وتعهدت بالعمل مع “فون دير لاين” و”كوستا”.
وذكرت “كالاس”، أنها ستخدم مصالح الكتلة المشتركة، ويجب أن تكون أوروبا مكانًا يتمتع فيه الناس بالحرية والازدهار والأمان.
مفاوضات بين أحزاب الوسط.. وغضب “ميلوني”
كان مفاوضو أحزاب الوسط، توصلوا بشكل استباقي إلى الاتفاق المكون من ثلاثة محاور، خلال مكالمة هاتفية، الثلاثاء، وقدموا اقتراحهم مساء الخميس، وبعد نقاش بين رؤساء الدول والحكومات، حصل الاتفاق على الموافقة الرسمية.
وأثارت المحادثات، غضب أولئك الذين تركوا على الهامش، وأبرزهم رئيسة الوزراء الإيطالية التي في السابق الطريقة “السريالية” التي تم بها اختيار الوظائف العليا في الكتلة.
دعت “ميلوني”، التي تحكم ثالث أكبر اقتصاد في الكتلة، إلى مزيد من الإدماج ومناقشات أعمق، مضيفة: “حتى الآن لم يكن هناك رغبة في تفسير الرسالة التي وجهها المواطنون في صناديق الاقتراع”.
بينما وصف رئيس الوزراء المجري، الاتفاق بأنه “مخز”، ليكون أكثر انتقادًا لتلك المفاوضات.
الكتلة تعيش أوقات صعبة
من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتس، خلال القمة، إن الكتلة تعيش أوقات صعبة، وتواجه تحديات كبيرة، ليس أقلها الحرب الرهيبة التي تشنها روسيا على أوكرانيا، لذا؛ من المهم أن تعد أوروبا نفسها الآن لمعاجلة تلك المهام.
بينما انتقد رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، حديث نظيرته الإيطالية قائلًا: “الديمقراطية لا تتعلق فقط بالعرقلة، الديمقراطية تتعلق بمن يريد العمل معًا، وهذه الأسماء الثلاثة مستعدة للعمل معًا لصالح جميع الأوروبيين”.
ذكر “دي كرو”، التي تتولى بلاده حاليًا الرئاسة الدورية للكتلة: “ما نحتاجه في السنوات الخمس المقبلة، هو الاستقرار السياسي والقدرة على التحرك بسرعة”.
موقف “فون دير لاين”
أما عن امتناع “ميلوني” عن التصويت، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، إنه من المهم العمل بشكل جيد مع إيطاليا كما هو الحال مع جميع الدول الأعضاء الأخرى بالكتلة، موضحة أن هذا مبدأها وتتبعه طوال الوقت.
وجوه مألوفة
الأشخاص الثلاثة الذين تم اختيارهم للمناصب الأوربية العليا، هم وجوه مألوفة، حيث تذهب رئاسة المفوضية إلى شاغلة المنصب، “فون دير لاين”، المرشحة الرئيسية لحزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط.
و”فون دير لاين”، هي أول امرأة تتولى قيادة السلطة التنفيذية، وكانت المرشحة الأوفر حظًا بلا منازع بفضل مكانتها السياسية الرفيعة، منذ إعلانها عن مساعي إعادة انتخابها في فبراير الماضي.
وخلال الحملة، أثارت غضب التقدميين، عندما قدمت مبادرات إلى اليمين المتشدد المتمثل في رئيسة الوزراء الإيطالية، لعمل تحالف معًا داخل البرلمان الأوروبي.
وسمح الفوز المريح الذي حققه حزب “فون دير لاين”، في انتخابات التي أجريت هذا الشهر، بأغلبية 188 عضوًا في البرلمان الأوروبي، بتغيير لهجتها، وقلص من أهمية روما في المعادلة.
ووعدت “فون دير لاين”، ببناء ائتلاف وسطي قوي لدعم ولايتها المقبلة.
دور الاشتراكيين
وفي الانتخابات، جاء المركز الثاني الاشتراكيون والديمقراطيون (S&D) بـ 136 مقعدًا، وسيتولى أحد وجوهها الأكثر شهرة، رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو كوستا، تولي رئاسة المجلس الأوروبي، خلفًا لتشارلز ميشيل.
وتفتقر رئاسة المجلس، إلى السلطات التشريعية، ولكن تعاقب الأزمات العالمية التي ضربت الكتلة في السنوات الخمس الماضية، أدى إلى زيادة الأهمية السياسية للوظيفة وظهورها إعلاميًا، مما يجعلها جائزة مرغوبة ليسار الوسط.
علامة استفهام على وجوده
وعلى الرغم من ذلك، فإن صعود “كوستا” يأتي مع علامة استفهام، حيث انتهت فترة بقائه بالسلطة في نوفمبر 2023، عندما استقال بعد اتهام العديد من أعضاء حكومته بالفساد واستغلال النفوذ في امتياز تعدين الليثيوم والهيدروجين الأخضر.
ولم يتم توجيه اتهامات رسمية لـ”كوستا”، لكن مشاركته الدقيقة في الصفقات غير القانونية لم يتم توضيحها بعد، ولكنه ينفي ارتكاب أي مخالفات.
تواجد الليبراليين رغمًا عن تراجعهم
وفي سياق متصل، نجح الليبراليون في حزب “تجديد أوروبا”، الذين تراجعوا بشدة من 102 إلى 75 مقعدًا خلال الانتخابات الأخيرة، في تأمين منصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية، لرئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس.
وارتبطت “كالاس”، قبل ترشيحها للمنصب الأوروبي، بالترشيح لمنصب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ولكنها تراجعت ولم تترشح له، وحصل عليه مؤخرًا رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته مارك روته.
وفي بداية ترشيحها، اعتبرت رئيسة الوزراء الإستونية متشددة للغاية بالنسبة للقيادة العليا، التي يجب أن تعمل بمثابة الصوت المشترك للدول الأعضاء الـ27، في مواجهة المجتمع الدولي، لكن المخاوف حول مدى ملاءمتها تضاءلت تدريجيًا، وتم منح الضوء الأخضر لاسمها.
وعلى الرغم من أهمية المنصب، إلا أنه مقيد بمبدأ الإجماع الذي يحكم السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وحال الموافقة عليها من البرلمان الأوروبي، فستحل محل جوزيب بوريل، الذي اتهم كثيرًا بالخروج عن النص.
التنوع السياسي والجغرافي
ومع اختيار الأسماء الثلاثة للمناصب العليا، يضمن زعماء الاتحاد الأوروبي، أن التوزيع يعكس التنوع السياسي والجغرافي للكتلة، ويحافظ على التوازن بين الجنسين ايضًا.
ومن المقرر أن يصبح “كوستا”، الذي كان والده نصف فرنسي موزمبيقي، ونصف هندي، أول شخص غير أبيض يشغل المنصب في تاريخ الاتحاد الأوروبي.
ويمكن النظر إلى هذا الاختيار، على أنه اعتراف بأحزاب الوسط، التي حافظت على مكانتها في الانتخابات، وتحدت التوقعات المشؤومة بصعود اليمين المتطرف.
وتتفاوض رئيسة المفوضية الأوروبية بالفعل، مع الاشتراكيين والليبراليين لتصميم برنامج مشترك للكتلة خلال السنوات المقبلة.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي