تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية الفرنسية يُهدد العلاقات مع ألمانيا
تقرير: محمد علاء
يُثير تقدم حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، في الجولة الأولى الانتخابات الفرنسية، يوم الأحد الماضي، مخاوف للساسة الألمان بشأن العلاقات الفرنسية الألمانية.
ويوم الثلاثاء الماضي، ووصف المستشار الألماني أولاف شولتس، الوضع في فرنسا بـ”الكئيب”، مؤكدًا أن الفرنسيين، الذين يحبهم ويقدرهم كثيرًا، والبلد الذي يعني له الكثير، سينجحون في منع تشكيل حكومة يقودها حزب يميني.
وسارع زعيم حزب الخضر ريكاردا لانج، وماريو فويجت من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض من يمين الوسط، إلى القول إنهم يعتقدون أن الرئيس إيمانويل ماكرون ارتكب خطأ بالدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد نتيجة غير الجيدة بانتخابات البرلمان الأوروبي، خلال الشهر الماضي.
ماذا يعني التحول إلى اليمين؟
قال رئيس حزب الجبهة الوطنية جوردان بارديلا، قبل الانتخابات بوقت قصير، إنه كرئيس للحكومة، لن يغير أي شيء في العلاقات مع برلين في الوقت الحالي.
وعلى الرغم من ذلك، ترى الباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ومقره برلين، رونجا كيمبين، أن الجبهة الوطنية كانت دائمًا تنتقد ألمانيا بشدة، وفي بعض الأحيان كانت معادية لها.
وأشارت الباحثة، في تصريحات لـ”دويتشه فيلة”، إلى أن الجبهة اتهمت “ماكرون” ببيع المصالح الفرنسية لألمانيا، وقالوا إنهم يريدون وضع حد لذلك بمجرد أن تتاح لهم فرصة الوصول إلى السلطة.
مشروعان مشتركان للتسليح
حتى وقت قريب، ورد في البرنامج السياسي لحزب الجبهة الوطنية، أنه يجب إنهاء المشروعات المشتركة للطائرة المقاتلة الفرنسية الألمانية ودبابة قتالية.
والآن صرح “بارديلا”، بأن فرنسا يجب أن تحترم التزاماتها الدولية. وقد يشير هذا إلى مشروعي التسليح.
صعوبات في العلاقات الثنائية
بدوره يتوقع مدير المعهد الفرنسي الألماني في لودفيغسبورغ، مارك رينجل، صعوبات في العلاقات الثنائية إذا وصل حزب الجبهة الوطنية إلى السلطة.
وقال “رينجل” لـ”دويتشه فيله”، إن هناك سؤال حول ما إذا كانت الحكومة الفرنسية الجديدة ستحترم الاتفاقيات الثنائية. ومن الناحية السياسية، سيكون هناك الكثير من عدم اليقين.
نقاط الخلاف المتوقعة
ومن بين المواضيع المطروحة في البرنامج الانتخابي للحزب اليميني المتطرف الفرنسي، ويمكن أن تؤدي إلى صراع مع الاتحاد الأوروبي وبرلين، خفض التزام فرنسا المالي تجاه الاتحاد الأوروبي، والخروج من سوق الكهرباء في الكتلة، والانسحاب من معاهدة الهجرة، وتقليص الدعم الفرنسي لأوكرانيا.
كما يركز الحزب على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وعلى سبيل المثال، يريد خفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة من 20% إلى 5.5%.
أسباب صعود الجبهة الوطنية
أوضح مدير المعهد الفرنسي الألماني في لودفيغسبورغ، إن هناك إحباطًا عامًا واسع النطاق من السياسة، بين العديد من الناخبين الفرنسيين. وكان حزب الجبهة الوطنية ذكيًا في استغلال هذا الاستياء.
ولسنوات، ظلت “لوبان” تعمل على إعادة تسمية حزبها ليبدو أقل تطرفًا، والآن، يقول الحزب إنه مستعد لتقديم تنازلات سياسية.
اليمين المتطرف في ألمانيا
وفي ألمانيا، تنتهج الأحزاب التقليدية “سياسة جدار الحماية”، وهي عبارة عن رفض التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف.
ولكن مثل هذا التردد غير موجود في فرنسا، حيث كان حزب الجبهة الوطنية أكبر حزب معارضة في الجمعية الوطنية منذ عام 2022.
ومنذ حينها، أقرت الحكومة الائتلافية، العديد من القوانين بدعم من حزب الجبهة الوطنية، مثل تشديد قوانين الهجرة.
الفارق بين البلدين
ترى الباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، رونجا كيمبين، إن حزب الجبهة الوطنية في فرنسا، أكثر تحفظًا من حزب البديل من أجل ألمانيا، ومن الواضح أن “لوبان” نأت بنفسها عن حزب الألماني، ورفضت العمل معه داخل البرلمان الأوروبي.
مواجهة ماكرون ولوبان
خسرت “لوبان”، مرتين أمام إيمانويل ماكرون في جولات الإعادة الرئاسية، ولكن لا يمكنه الترشح مرة أخرى بعد انتهاء مدته في عام 2027.
وبعد الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية، تصدر حزب الجبهة الوطنية التصويت، بحصوله على نحو 33%، وأصبح هناك شيء واحد مؤكد بالفعل هو أنه أصبح قابلًا للانتخاب من قبل قطاعات واسعة من السكان.
وبينما سيستمر “ماكرون” في منصبه، فمن المتوقع أن تكون خياراته السياسية محدودة للغاية مستقبلًا، عندما يجد نفسه مضطرًا إلى العمل مع “بارديلا” كرئيس للوزراء.
موقف صعب لـ”ماكرون”
لكن في حال فشل الحزب اليميني، في الحصول على الأغلبية المطلقة بالجولة الثانية يوم الأحد المقبل، فقد يواجه “ماكرون” بديلًا قد يكون بذات القدر من الصعوبة، يتمثل في الجمود بالجمعية الوطنية، عندما تعرقل القوى اليمينية واليسارية بعضها البعض.
أما بالنسبة لرئيس التجمع الوطني، بارديلا، فإن تولي منصب رئيس الوزراء ليس سوى الجزء الأول من الخطة، وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2027، تخطط “لوبان” للترشح للمرة الرابعة، ولديها تلك المرة فرصة جيدة للفوز.
وذكرت باحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: “إذا حدث ذلك، فسنكون بالتأكيد في أوروبا مختلفة تمامًا”.
وحذر المعهد الفرنسي الألماني، من أن “لوبان”، مثل جيورجيا ميلوني رئيس وزراء إيطاليا، ستبقى في الاتحاد الأوروبي لتقلبه رأسا على عقب، وتفرغه، وتعيد تشكيله وفقًا لأفكارها، حسب قوله.
وخلال الشهور المقبلة، سوف ترى الحكومة الألمانية نفسها مضطرة إلى الاستعداد للأوقات الصعبة المقبلة في علاقاتها مع أكبر جيرانها.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي