افتتاح الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية وسط عزوف الناخبين وتصاعد التوترات الإقليمية
تقرير: علي الجابري
في ظل أجواء مشحونة بالتوترات الإقليمية وتصاعد الأزمات الداخلية، تتجه الأنظار إلى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية، التي تشهد سباقًا محوريًا بين المرشح المعتدل مسعود بازشكيان والمتشدد سعيد جليلي. يأتي هذا الاستحقاق الانتخابي في وقت يعبر فيه الإيرانيون عن استيائهم من الأوضاع الاقتصادية والسياسية، مما أدى إلى انخفاض غير مسبوق في نسبة المشاركة بالجولة الأولى.
يتابع العالم بترقب هذا السباق الذي قد يحدد مستقبل الجمهورية الإسلامية وتوجهاتها السياسية، سواء نحو الاعتدال والانفتاح على الغرب أو التشدد والمواقف الصارمة.
انطلاق الجولة الثانية
افتتحت مراكز الاقتراع للجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية، الجمعة، في ظل عزوف الناخبين وتصاعد التوترات الإقليمية.
من المقرر أن تغلق مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة السادسة مساءً (1430 بتوقيت غرينتش)، ولكن عادة ما يتم تمديد التصويت حتى منتصف الليل، مع إعلان النتيجة النهائية يوم السبت.
تأتي الجولة الثانية بعد انتخابات 28 يونيو، التي شهدت إقبالًا منخفضًا غير مسبوق، حيث أحجم أكثر من 60% من الناخبين عن التصويت في الانتخابات المبكرة لاختيار رئيس جديد خلفًا لإبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.
يرى منتقدون أن انخفاض نسبة المشاركة يعكس تصويتًا بحجب الثقة عن الجمهورية الإسلامية.
سباق انتخابي حاسم بين مرشحين متباينين
تشهد انتخابات الجمعة سباقًا متقاربا بين النائب مسعود بازشكيان، المعتدل الوحيد بين المرشحين، والمفاوض النووي السابق سعيد جليلي، وهو من المحافظين المتشددين.
ورغم أن الانتخابات لن تؤثر بشكل كبير على سياسات الجمهورية الإسلامية، إلا أن الرئيس المنتخب سيشارك في عملية اختيار خليفة للزعيم الإيراني علي خامنئي، البالغ من العمر 85 عامًا، والذي يتخذ جميع القرارات العليا في شؤون الدولة.
أقر خامنئي، الأربعاء، بأن “نسبة الإقبال جاءت أقل من المتوقع”، ولكنه قال: “من الخطأ تمامًا الاعتقاد بأن الذين لم يصوتوا في الجولة الأولى هم ضد النظام”.
تراجع نسبة الإقبال وتآكل الدعم للنظام
انخفضت نسبة إقبال الناخبين على مدى السنوات الأربع الماضية، ويقول المعارضون إن هذا يعكس تآكل الدعم للنظام وسط تزايد الاستياء من الصعوبات الاقتصادية والقيود المفروضة على الحريات السياسية والاجتماعية.
في انتخابات 2021، شارك 48% من الناخبين، وأوصلت رئيسي إلى السلطة، بينما بلغت نسبة المشاركة 41% في الانتخابات البرلمانية في مارس.
تصاعد التوتر الإقليمي
تتزامن الانتخابات مع تصاعد التوترات الإقليمية بسبب الحرب بين إسرائيل وحليفتي إيران، حماس في غزة وحزب الله في لبنان، بالإضافة إلى زيادة الضغوط الغربية على طهران بسبب برنامجها النووي الذي يشهد تقدمًا سريعًا.
من غير المتوقع أن يحدث الرئيس المقبل أي تحول كبير في السياسة بشأن برنامج إيران النووي أو دعم الجماعات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط، لكنه سيتولى إدارة المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يؤثر على نهج البلاد في السياسة الخارجية والداخلية.
المتنافسان كلاهما مواليان للحكم الديني في إيران، ولكن محللين أشاروا إلى أن فوز جليلي، المناهض للغرب، قد يؤدي إلى تطبيق سياسات داخلية وخارجية أكثر عدائية.
من ناحية أخرى، قد يساعد انتصار بزشكيان في تعزيز سياسة خارجية أكثر عملية وتخفيف التوترات بشأن المفاوضات المتوقفة مع القوى الكبرى حول الاتفاق النووي، وتحسين آفاق التحرر الاجتماعي والتعددية السياسية.
تعهد كلا المرشحين بالعمل على تحسين الاقتصاد المتعثر، الذي يعاني من سوء الإدارة، والفساد الحكومي، والعقوبات التي أعيد فرضها منذ عام 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع ست قوى عالمية.
مخاوف المواطنين و”تكتيكات الخوف” الإصلاحية
سلطت وسائل الإعلام الدولية الضوء على مخاوف المواطنين الإيرانيين من فوز المتشدد سعيد جليلي في انتخابات الرئاسة، التي بدأت جولتها الثانية اليوم.
أشارت التقارير الإعلامية إلى أن الإصلاحيين لجأوا إلى “تكتيكات الخوف” قبل بدء جولة الإعادة، محذرين من عواقب فوز المتشددين في محاولة منهم للتأثير على الأغلبية الصامتة التي قاطعت الجولة الأولى.
في الجولة الأولى، حصل المرشح الإصلاحي مسعود بازشكيان على 42.4% من الأصوات، بينما حصل جليلي على 38.6%، وجاء في المركز الثالث المرشح المحافظ محمد باقر قاليباف.
الناخبون سيفصلون في الدورة الثانية بين بازشكيان (69 عامًا) الذي يدعو إلى الانفتاح على الغرب، وبين جليلي (58 عامًا) المعروف بمواقفه المتصلبة في مواجهة القوى الغربية.
بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولى نحو 40%.
قال وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، للتلفزيون الرسمي إن الإيرانيين بدأوا التصويت في الجولة الثانية بالانتخابات الرئاسية، الجمعة، وسط عزوف الناخبين وتصاعد التوترات الإقليمية، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
التحديات أمام المتنافسين لجذب الناخبين
الوزير السابق، محمد جواد آذري جهرمي، الداعم لبزشكيان، صرح بأنه لا ينبغي السماح لإيران “بالوقوع في أيدي طالبان”، مشبهاً وصول جليلي إلى سدة الرئاسة بسيطرة الحركة الأصولية التي تحكم أفغانستان حالياً.
في المقابل، رد جليلي على انتقادات الإصلاحيين في مناظرة متلفزة، قائلاً: “هل من المفيد أن نقول لـ10 ملايين ممن صوتوا للمتشددين إنكم من طالبان؟”.
جذب “المنعزلين” دعا بازشكيان، الذي يأمل بأن يكون أول رئيس إصلاحي للبلاد منذ عقدين، الناس إلى المشاركة بكثافة في الجولة الثانية، محذراً من أن “أفراداً خطرين وغير جديرين بالثقة وعديمي الخبرة” قد يحولون إيران إلى “مختبر عملاق لأفكارهم الغريبة”.
وتابع: “انضموا إلينا حتى نتمكن من تفادي الكارثة”.
محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، اعترف بأن جذب “الناخبين المنعزلين مهمة صعبة”.
وقال أبطحي: “تغيير الأجواء أمر صعب للغاية بالنسبة للإصلاحيين، كما أنه صعب نسبياً بالنسبة للمتشددين، لأنه لم يكن من السهل عليهم الدفاع عن سياسات الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في السنوات القليلة الماضية”.
يشار إلى أن الجولة الأولى التي جرت قبل أسبوع شهدت نسبة إقبال بلغت 39.92% من أصل 61 مليون ناخب، في أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ قيام الجمهورية قبل 45 عاماً، علماً بأن نسبة المشاركة في التصويت كانت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي تناهز 80%.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي