ترحيب واسع بالإمام.. شيخ الأزهر الشريف يزور ماليزيا للمرة الأولى منذ توليه منصبه
تقرير: محمد الحكيم
وصل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور، يوم الثلاثاء الماضي، واستقبله رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم.
وقال رئيس الوزراء الماليزي، إنه لشرف كبير أن يلبي فضيلة شيخ الأزهر، دعوتنا بزيارة بلادنا ماليزيا، مضيفًا: “نحن شعب ماليزيا نكن لكم قدرًا كبيرًا من التقدير والاحترام، فلقد كان للأزهر ولا يزال تاريخ طويل في بلادنا؛ فهو منارة لنشر مختلف العلوم الإسلامية”.
مواقف شيخ الأزهر المستنيرة
أعرب رئيس الوزراء، عن تقدير بلاده لرؤية “الطيب” ومواقفه المستنيرة، ومتابعته لتصريحاته المتعلقة بكافة القضايا، وخاصة في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة والاسترشاد بها.
وأكد أن بلاده تسعى إلى تعزيز تواجد الأزهر بها، عبر افتتاح المعاهد الأزهرية، وزيادة أعداد المبعوثين الأزهريين، وفتح المزيد من أبواب التعاون مع هذه المؤسسة العريقة، وتسليط الضوء على رسالة الأزهر، التي تتميز بالسماحة والوسطية ونبذ التطرف والتعصب المذهبي.
وشدد “إبراهيم”، على تأييد بلاده لموقف “الطيب”، الرافض للعدوان على غزة، والمطالبة بالوقف الفوري لهذا العدوان الغاشم، مشيرًا إلى أن ماليزيا حكومة وشعبًا، تسترشد بخطاباته ومواقفه تجاه تلك المحنة، وأن صوت الأزهر يعبر تمامًا عن المآسي التي يتعرض لها إخواننا في غزة.
علاقات تربط الأزهر بماليزيا
بدوره لفت شيخ الأزهر، إلى عمق الروابط والعلاقات التي تربط الأزهر بماليزيا، وفي مقدمتها الطلاب الماليزيون الوافدون للدراسة به، البالغ عددهم ٧٠٠٠ طالب تقريبًا، وهم يحظون برعاية خاصة في الأزهر، وأثبتوا استحقاقهم لها بتميزهم وحرصهم على تحصيل العلوم والالتزام بالأخلاق.
وأشار “الطيب”، إلى زيارته لمؤسسة “دار القرآن جاكيم”، وما لمسه من اهتمام بحفظة كتاب الله، وتشجيعهم على تدبر وإدراك معانيه؛ وقرر الأزهر تخصيص عدد من المنح الدراسية السنوية للدراسة بجامعة الأزهر؛ تشجيعًا لهؤلاء الطلاب للاستمرار في حفظ كتاب الله والمواظبة على تحصيل العلوم النافعة.
وأكد “الطيب”، أن الأزهر يعول على خريجيه في ماليزيا لحمل راية السلام ومكافحة التطرف، ليكونوا سفراء للسلام في جنوب شرق آسيا.
تقدير للموقف الماليزي
أعرب شيخ الأزهر، عن تقديره لموقف ماليزيا المناصر لحقوق الشعب الفلسطيني، ومطالبتها بضرورة وقف العدوان وإنهاء الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر.
وأوضح أن هذا الموقف تلاقت فيه ماليزيا مع الأزهر، وتم تنسيق الجهود لتكثيف حملات الدعم وقوافل الإغاثة، مؤكدًا أن رسالة الأزهر هي نصرة المظلوم والدفاع عن حقوق المستضعفين.
حوار حول وسطية الإسلام
خلال الزيارة، حضر شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا، يوم الخميس، مجلسًا لشباب الباحثين؛ بهدف الحوار حول وسطية الإسلام، والمنهج الإسلامي في تعزيز الأخوة في المجتمعات.
ولفت شيخ الأزهر، أن أكثر ما يميز المجتمع الماليزي هو تعدد الأعراق والأديان، محذرًا من خطورة استغلال بعض التَّيارات المتطرفة للتعددية، وتصويرها على أنها خطر على الإسلام والمجتمعات.
استشهد “الطيب”، بتعاليم النبي الكريم، فيما يتعلق بالعلاقة بين المسلمين أنفسهم، الَّتي لخصها في قوله: «مَن صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتَنا، وأكل ذبيحتَنا، فذلك المسلمُ الذي له ذمَّة الله وذمة رسوله، فلا تَخفِرُوا الله في ذمته”، أي: لا تخونوا.
وأوضح الإمام الأكبر، أن النبي أرسى قواعد العلاقة التي تربط المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى، وهي العلاقة المبنيَّة على التعايش المشترك والاحترام، والتحلي بأخلاق الإسلام الذي جرم الاعتداء على الإنسان أيًا كان دينه أو جنسه.
التعايش السلمي
أكد “الطيب”، أن مسؤولية تعزيز التعايش السلمي بين أتباع الديانات، تقع على عاتق كل فردٍ، ولا يمكن تحقيقها إلا بواسطة الفهم الصحيح لرسالة الإسلام، والأديان بشكل عام، التي جاءت لإسعاد الإنسان، وانتشاله من مخاطر تأليه المادة والسعي لإشباع الغرائز دون التنبه لما ينتج عنها من حروب وصراعات.
وحذر شيخ الأزهر، من بعض التيارات التي تحاول تغذية التعصب بين المسلمين، وتزكية الصّراعات المذهبية، وإعادة إحياء لصراعات وقضايا تؤرِّق المجتمع المسلم وتعمل على إضعافه وتشتته.
شدد الإمام الأكبر، على أن الأولى في هذا التوقيت، اتجاه الجهود لما فيه تماسك الأمة؛ بهدف تحقيق نهضتها المنشودة.
امتنان لفكر الأزهر الوسطي
من جانبه، أكد رئيس وزراء ماليزيا، امتنان بلاده للإمام الأكبر، وفكر الأزهر الوسطي، كما أن بلاده حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأزهر، والاستفادة من برامج تدريب الأئمة التي تعقدها أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ.
أعرب “إبراهيم”، عن أمنياته بأن تكون تلك الزيارة، بداية لعدد غير محدود من المشروعات والمبادرة المشتركة مع الأزهر الشريف.
لقاء ملك ماليزيا
التقى شيخ الأزهر، ملك ماليزيا إبراهيم بن السلطان إسكندر، يوم الخميس؛ لمناقشة سُبُل استفادة البلاد من خبرات الأزهر في مجالات مكافحة التطرف.
أكد ملك ماليزيا، تقديره الكبير لما يقوم به شيخ الأزهر من جهودٍ عالميةٍ من أجل إرساء قيم الحوار والتعايش، مشيرًا إلى اتخاذه قرارًا بقطع جولته بولاية جوهور، لاستقباله اليوم، والتحاور معه حول سُبُل تعزيز الجهود مع الأزهر العريق
وقال إن ما يدفع الكثير من العائلات الماليزية إيفاد أبنائهم لتلقي العلوم الشرعيَّة في الأزهر، هو ثقتهم فيه، وحبهم له وانتماءهم إليه، وهو ما يدفع، موضحًا أنه تشرف بزيارة الأزهر 3 مرات، كما يوجد 700 طالب يدرسون في الأزهر من ولاية جوهور التي ينتمي إليها.
طلب بزيادة أعداد المبعوثين الأزهريين
طلب ملك ماليزيا، من شيخ الأزهر زيادة أعداد المبعوثين الأزهريين، وإتاحة المزيد من الفرص التعليمية للالتحاق بجامعة الأزهر، بجانب الاستفادة من خبراته الكبيرة في مجالات مكافحة التطرف والتشدد، عبر عقد مؤتمر حواري في ماليزيا يشارك فيه علماء الأزهر لبيان المنهج الإسلامي الصَّحيح للشباب في مختلف القضايا المعاصرة.
اعتزاز بالزيارة الأولى
أعرب الإمام الأكبر، عن سعادته بزيارته الأولى لماليزيا منذ توليه مشيخة الأزهر، حيث وجدها نموذجًا حقيقيًّا للدولة المسلمة القادرة على تحقيق استدامة في التقدم والازدهار.
أكد “الطيب”، استعدادَ الأزهر لزيادة أعداد المبعوثين الأزهريين الموفدين إلى ماليزيا، وزيادة المنح الدراسية لأبنائها من أجل الالتحاق بجامعة الأزهر، هذا إلى جانب تدريب أئمة ماليزيا في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وفتح أفق التعاون بما يُلبِّي احتياجات المجتمع الماليزي ويناسب تحدياته الداخلية.
ترسيخ قيم الحوار
لفت “الطيب”، إلى تجارب الأزهر الشريف، ومجلس حكماء المسلمين، الرَّائدة في تعزيز ثقافة التعايش والأخوة والاندماج الإيجابي، وترسيخ قيم الحوار، والتي توجت بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية مع البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، عام ٢٠١٩، حيث أعادت الحياة للعلاقات بين الأزهر والفاتيكان.
ولفت شيخ الأزهر، إلى مشروع بيت العائلة المصرية، الذي أطلق الأزهر مع الكنائس المصرية، ويجني المجتمع ثماره من اندماج حقيقي وتآلف بين جميع أطياف المجتمع.
أكد “الطيب”، أنّ الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، يهتم بشكل كبير بتوحيد صف الأمة الإسلامية، وتعزير الحوار الإسلامي الإسلامي، فضلًا عن تفعيل دور قادة الأديان ورموزها في مواجهة التَّحديات الإنسانية المعاصرة، مثل: قضايا الفقر وتحديات التنمية وتغير المناخ.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي