أخبارعاجلنحن والغرب

حرب تجارية تلوح في الأفق.. الاتحاد الأوروبي يفرض رسومًا مؤقتة على واردات السيارات الكهربائية الصينية

تقرير: محمد علاء

فرض الاتحاد الأوروبي، رسومًا مؤقتة على واردات السيارات الكهربائية الصينية؛ بسبب ما وصفه بالدعم “غير العادل” الذي تقدمه بكين، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوتر بين الجانبين.
وجاء القرار في الوقت، الذي تخطط الولايات المتحدة فيه، لفرض تعريفة جمركية بنسبة 100%، على واردات السيارات الكهربائية الصينية بدءًا من أغسطس، بحسب دويتشه فيله.

متى بدأ التحقيق؟

في 13 سبتمبر الماضي، أعلنت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، عن تحقيق حول الأمر، واستند القرار إلى المخاوف المتزايدة القائمة على الأدلة بشأن الارتفاع الأخير والسريع في صادرات السيارات الكهربائية منخفضة السعر القادمة من الصين إلى الكتلة.

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين

على ماذا استند القرار؟

قالت المفوضية الأوروبية، في بيان لها، يوم الخميس، أن التحقيق خلص إلى أن السيارات الكهربائية في الصين تستفيد من الدعم غير العادل، والذي يسبب تهديدًا بإلحاق ضرر اقتصادي بمنتجي السيارات في الاتحاد الأوروبي، مما جعلها تفرض رسومًا تعويضية مؤقتة على الواردات الصينية.
وأشارت المفوضية، إلى تكثيف المشاورات مع الحكومة الصينية خلال الأسابيع الأخيرة، عبر تبادل وجهات النظر بين نائب المفوض الأوروبي لشئون التجارة فالديس دومبروفسكيس، ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو.
وذكرت المفوضة، أن الاتصالات مستمرة على المستوى الفني؛ بهدف التوصل إلى حل يتوافق مع منظمة التجارة العالمية، ويعالج المخاوف التي أثارها الاتحاد، ولكن يجب أن تكون النتيجة فعالة في معالجة أشكال الدعم الضارة التي حددها.

ما هي الرسوم؟

فرضت المفوضية الأوروبية، الرسوم على المنتجين الصينيين الثلاثة الذين تم أخذ عينات منهم وهم: BYD: 17.4%، وجيلي: 19.9%، وسايك: 37.6%.
وأوضحت المفوضية، أن منتجو السيارات الكهربائية الأخرى في الصين، الذين تعاونوا في التحقيق ولكن لم يتم أخذ عينات منهم يخضعون لـ 20.8%، أما الرسوم على الشركات الأخرى غير المتعاونة فهي 37.6%.
وسيتم تطبيق تلك الرسوم المؤقتة ابتداء من 5 يوليو 2024، لمدة أقصاها 4 شهور، وخلال تلك المدة، يجب اتخاذ قرار نهائي بشأن الرسوم النهائية، عبر تصويت الدول الأعضاء في الكتلة، وعند اعتماد القرار، فإنه سيجعل الرسوم نهائية لمدة خمس سنوات، بحسب بيان المفوضية.

الإجراءات والخطوات التالية

في 4 أكتوبر الماضي، بدأت المفوضية الأوروبية، رسميًا تحقيقًا لمكافحة الدعم حول واردات السيارات الكهربائية للركاب القادمة من الصين، ويجب الانتهاء من هذا التحقيق خلال مدة أقصاها 13 شهرًا منذ بدايته.
وبعد الإجراء المتخذ، ستصوت الدول الأعضاء الآن على التدابير المؤقتة، عبر إجراء كتابي وبأغلبية بسيطة، في موعد لا يتجاوز 14 يومًا بعد نشر التدابير المؤقتة في الجريدة الرسمية.
ولدى الأطراف المهتمة أيضًا، إمكانية طلب جلسات استماع مع المفوضية في غضون 5 أيام من دخول التدابير المؤقتة حيز التنفيذ، وتقديم تعليقات في غضون 15 يومًا من دخولها حيز التنفيذ.
بعد ذلك، ومع الأخذ في الاعتبار تعليقات الأطراف المعنية، ستكشف المفوضية، عن اقتراحها بشأن التدابير النهائية، وتتيح 10 أيام للأطراف المعنية للتعليق.
وستقدم المفوضية بعدها القرار النهائي إلى الدول الأعضاء، التي ستصوت عليه، ويتم اعتماده رسيمًا، ما لم تكن هناك أغلبية مؤهلة ضده، وسيكون النتيجة ملزمة، وستكون أي تدابير محتملة سارية لمدة 5 سنوات، قابلة للتمديد بناءً على طلب ومراجعة لاحقة.

كيف علقت الصين؟

قالت بكين، إنها تخطط لاتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها، وتم التفكير في فرض رسوم جمركية جديدة على منتجات مثل: الكونياك ولحم الخنزير ردًا على ذلك.
ولفتت وزارة التجارة الصينية، الخميس، إلى أن الجانبان عقدا عدة جولات من المحادثات الفنية، حول الأمر، ولا تزال هناك 4 شهور قبل القرار النهائي.
وأعرب الوزارة، عن أملها في أن يتحرك الجانبان الأوروبي والصيني في نفس الاتجاه، ويظهران الصدق، ويمضيان قدمًا في عملية التشاور في أقرب وقت ممكن.

رد فعل شركات صناعة السيارات

بدورها، أكدت شركة صناعة السيارات الصينية سايك موتور، اليوم الجمعة، أنها ستدافع عن حقوقها وفقًا للقانون، وتدعو المفوضية الأوروبية رسميًا إلى عقد جلسة استماع حول التعريفات المؤقتة الصادرة ضد السيارات الكهربائية الصينية، بحسب وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
وتدرس علامات تجارية، زيادة أسعار سياراتها، لتمرير التكاليف المتزايدة الناجمة عن الرسوم الجمركية إلى المستهلكين، حيث تدرس شركات MG وNIO رفع أسعار سياراتهما في أوروبا في وقت لاحق من هذا العام؛ كما تخطط شركة تسلا الأمريكية، والتي تصنع بعد طرازاتها في الصين إلى زيادة سعر طرازها 3.
وقد يدفع قرار فرض الرسوم، شركات صناعة السيارات الصينية، إلى الاستثمار في أوروبا، على الرغم من ارتفاع تكاليف العمالة والتصنيع مقارنة بالصين.

انقسام أوروبي

تنقسم دول الكتلة حول القرار، إذ تخشى ألمانيا وشركات صناعة السيارات المحلية التي لديها تجارة كبيرة مع الصين، من أن ضررها أكبر من نفعها، إذا أدى الأمر إلى فرض قيودًا على صادرات الكتلة إلى الصين، كما هددت بكين بالفعل.
وضغطت فرنسا وإيطاليا، من أجل فرض تعريفات جمركية على السيارات الكهربائية الصينية، لكن السويد وألمانيا يتحفظان عليه، بينما تعارضه المجر بشكل كامل.

شركات السيارات تتحفظ على القرار

انتقدت شركة فولكس فاجن، أكبر شركة لتصنيع السيارات في القارة العجوز، القرار المعلن يوم الخميس؛ لما له من آثار سلبية تفوق أي فوائد لصناعة السيارات الأوروبية وخاصة الألمانية، بحسب دويتشه فيله.
بينما قال رئيس شركة بي إم دبليو، إن معركة الرسوم الجمركية تؤدي إلى طريق مسدود، وفقًا لوصفه.
وحذر المسؤولون التنفيذيون في صناعة السيارات، من أن التعريفات الجمركية قد تضر بمبيعات سياراتهم في الصين، حيث يواجهون منافسة شديدة من العلامات التجارية المحلية؛ لأن السيارات الصينية عادة أرخص بنسبة20%، من الموديلات المصنوعة في الاتحاد الأوروبي.

خفض متوقع للواردات

ارتفعت حصة سوق السيارات الكهربائية الصينية، في الاتحاد الأوروبي من 3% إلى أكثر من 20% في السنوات الثلاث الماضية، بحسب بيانات جمعية مصنعي السيارات الأوروبية.
وذكرت الجمعية، أن العلامات التجارية الصينية تمثل نحو 8% من هذه الحصة، بحسب فرانس 24.
وتوقع معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، أن تؤدي الرسوم المؤقتة إلى خفض واردات السيارات من الصين بنسبة 42%، بجانب ارتفاع الأسعار بمتوسط 0.3 إلى 0.9% في الاتحاد الأوروبي.
وختامًا، من المؤكد أن الحرب التجارية التي قد يشنها الغرب، بقيادة واشنطن والاتحاد الأوروبي، على الصين لم تفيد أحدًا، بل ستضرر منها تلك الدول في المقدمة، نظرًا للعلاقات التجارية الكبيرة القائمة بالفعل بين الجانبين، واحتمالات اتخاذ الصين إجراءات مماثلة.
وتلك الحرب التجارية المحتملة، تهدد برفع أسعار عدد من المنتجات عالميًا، في ظل استمرار أزمة الطاقة والغذاء بالفعل منذ الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع معدلات التضخم، وأسعار الفائدة، ويظهر من بعيد شبح ركود اقتصادي.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى