الأديبة عائشة عودة.. أسطورة المرأة الفلسطينية.. تجربتها في السجن.. تؤرخ لنضال الأسيرات الفلسطينيات
كتبت: نجوى إبراهيم
الكاتبة والمناضلة الفلسطينية “عائشة عودة “هي أسطورة المرأة الفلسطينية، الأنثى الجميلة العنيدة المقاومة والأسيرة، استطاعت تحويل ذكرياتها عن الأسر إلى قوة دافعة فى سيرة شعب لا ينسى الظلم والامتهان، كتبت سيرتها الذاتية لكي تؤرخ لنضال المرأة الفلسطينية عامة والأسيرات الفلسطينيات خاصة.
تجربة إبداعية
استطاعت المناضلة الفلسطينية “عائشة عودة ” صياغة تجربتها فى المعتقل بأسلوب أدبي يأسر القارئ ويأخذه إلى عالم آخر، عالم يجسد تجربة الأسيرات فى سجون الاحتلال، روت “عائشة عودة” تجربتها فى الأسر بعد خروجها بنحو 30 عاما.
أحلام بالحرية
كتبت “عائشة عودة “روايتها “أحلام بالحرية ” فى إطار أدب السجون لتحكي لنا تجربتها وهى أسيرة، ثم تحررت من أدب السجون فى مجموعتها القصصية “يوم مختلف” ثم عادت مرة أخرى لاستكمال تجربتها فى السجن من خلال كتابها “ثمنا للشمس”.
وفى إحدى تصريحاتها الصحفية أكدت “عائشة عودة “أنها لم تستهدف أدب السجون بل كانت تستهدف تحويل تجربتها فى الأسر إلى نص مكتوب، صنفت روايتها “أحلام بالحرية “وأيضا “ثمنا للشمس”بأنها ضمن أدب المقاومة أو أدب الحرية.
تسلط الاديبة “عائشة عودة “فى روايتها “أحلام بالحرية ” الضوء على تجربة الحركة النسوية الأسيرة في سجون الاحتلال ..و جسدت البدايات القاسية لها و صرخاتها المدوية التى لم يستمع لها أحد وهى تقف أمام الجلاد ..روت كيف تم تعذيبها وألقوا بها فى السجن الانفرادي .. و كيف كان الموت والإذلال والإستبعاد يسيطر على حياة الأسيرات الفلسطينيات.
اعتقال عائشة عودة
تحكى “عائشة” كيف كان اعتقالها سببا فى ألم وحزن أمها، عندما أخذوها فى سيارة إسرائيلية حملتها إلى السجن كان شريط ذكرياتها وذكريات أسرتها يمر أمامها، كانت تصبر نفسها فتقول: “اصمدي يا عائشة.. كوني نموذجًا للصمود، فليس الرجال أكثر صمودًا من النساء.. سأصمد وأواجه كل الاحتمالات، فالاحتلال هو الشر المطلق، وما دون ذلك فهو شر جزئيّ”.
تعرضت طوال الطريق إلى الصفع والركل والبصق والاهانات إلا أن هذا لم يضعف عزيمتها ولم تنطق بكلمة واحدة وهذا جعلها تشعر بالتفوق عليهم.
وصفت “عودة” المحقق الإسرائيلي الذى كان يحقق معها بالغول المشهور فى قصص الأطفال، فعندما كانت تصرخ من الألم كان ينهال عليها ضربا بالكرباج ولا يتركها إلا وهى جثة بلا روح.
ذكرت الكاتبة كيف تم انتزاع الاعترافات منها تحت التهديد وعندما روت للمحكمة وقائع تعذيبها رفضت المحكمة تصديقها وتجاهلت آثار التعذيب التى بدت على جسدها واضحة، تذكرت أيضا قول صديقها فى الأسر “يعقوب عودة ” عندما قال لها :” لماذ الاندهاش من تفصيل صغير في طاحونة كذبة كبرى يا رفيقة، انهم يقلبون حقائق وطن بكامله”.
ثمنا للشمس
استطاعت من خلال الجزء الثانى لسيرتها “ثمنا للشمس “أن تسجل ملحمة وثائقية وتاريخية هامة في سيرة المناضلات الأسيرات ..ذكرت أسمائهن وبطولاتهن ..وكيف كانت عزيمتهن ورفضهن للموت بكل تحدى وإصرار حيث بدأت كتابها بقول :” لا بد أن أرفض الموت..”وانتهت بأن السجن كان بالنسبة لها ورفيقاتها ساحة نضال.
كان كتابها بمثابة صوت الضحايا الذى يكمن وراء الجدران حيث استجمعت ذاكرتها بزخم وقوة وجسدت قصص عاشتها خلال 10 سنوات قضتها فى الاعتقال ..وكان دائما هناك اشتباك متواصل بين إرادة الحرية التى تعشقها وإرادة السجان ..أظهرت عائشة عودة فى “ثمنا للشمس “ما كان يدور خلف القضبان من حرب وعدوان على الإنسان وعلى خصوبة الأنثى الفلسطينية.
رفضت عائشة عودة المحاكمة الاسرائيلية باعتبارها غير شرعية ..فذكرت فى كتابها أنها وقفت في ساحة المحكمة تقول للقضاة: انتم لستم مؤهلين لمحاكمتنا، لأنكم تدافعون عن الاحتلال، انتم ودولتكم من يجب محاكمتهم”..
تعذيب الأسيرات من وجهة نظر “عائشة عودة ” كان محاولة فاشلة من قوات الاحتلال الصحهيونى لتجفيف المقاومة وانهاك الأسيرات الفلسطينيات ..كشفت “عائشة عودة فى كتابها أن سياسة الاحتلال تجاه الأسرى والاسيرات لن ولم تتغير منذ بداية الاحتلال وحتى الآن ..تعذيب واهمال طبى وحبس انفرادى وحرمان من كافة الحقوق الانسانية ..وللاسف كان الكتاب شاهدا على فشل العالم فى حماية الأسيرات ووضع حد للانتهاك الجسدى والمعنوى الذى تمارسه قوات الاحتلال ضد الاسيرات.
ورغم إن التعذيب كان هدفا لكسر عزيمة الأسيرات إلا أن الكاتبة أكدت فى كتابها ثمنا للحرية “أن الاسيرات اعتمدن على قوة ايمانهن بالحرية، وخضن مواجهات طويلة وشاقة للحفاظ على ذاتهن من الاستهداف، واستطعن أن يؤسسن لمفاهيم وثقافة اعتقالية، ويبنين دولة ذاتية بين القضبان بتحقيق الكثير من الانجازات والحقوق بالاضرابات وبالمواجهات وبالاصرار على الحياة الحرة والكريمة”.
ذكرت عودة فى كتابها كيف تمردت الأسيرات على العمل في مرافق الانتاج الاسرائيلية، ورفضهن العمل بالسخرة كالعبيد..وكيف بدأن مرحلة النضال داخل سجون الاحتلال وأسقطن المعتقد الصهيونى بأن السجن هو إعدام بلا مقصلة .
ورغم القضبان والتعذيب إلا أن عائشة عودة كانت ترى نفسها أكثر حرية فتصرخ عائشة عودة وهى وراء القضبان في وجه السجانات:انا لست سجينة ، انا اكثر حرية من عشرات الملايين الذين يقبعون في بيوتهم مكبلين بخوفهم، هم السجناء وليس أنا.”
حولت “عائشة عودة هى ورفيقاتها السجن إلى مكانا للنضال وأصبح السجن عبء على المحتل فتقول :” نحن طاقة محركة في جميع الاتجاهات، لم يكن بالإمكان خلقها لو بقينا في الماء الراكد مجرد ربات بيوت”.
وتتذكر الكاتبة فى كتابها ثمنا للحرية كيف شعرت هى وصديقتها بالنصر وقت حرب أكتوبر عام 1973 حيث قالت لهن السجانة : سيصل الجنود العرب الى السجن الليلة أو غدا ويفتحون الأبواب ويخرجونكن من السجن، وربما يضعوننا نحن مكانكن في السجن، وتحملن المفاتيح بدلا منا، لي طلب واحد منكن : أن تعاملننا مثل معاملتنا لكن.. انا لا أذكر أني أسأت لأي منكن.
وتقول عائشة أن هذا ” عدل السماء ان لا يبقى المهزوم مهزوما، ولا المنتصر منتصرا”.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي