التنافس السعودي الإماراتي يُهدد وحدة مجلس التعاون الخليجي
تقرير: علي الجابري
لطالما حاول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم ست دول عربية، تعزيز التعاون والتنسيق بين أعضائه لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
ومع ذلك، ظهرت في السنوات الأخيرة مظاهر تنافس متزايد بين السعودية والإمارات، مما أثر سلبًا على تماسك المجلس وفعاليته.
تاريخ من التعاون والتنافس:
نجح مجلس التعاون الخليجي في إحراز بعض النجاحات مثل إنشاء اتحاد جمركي وسوق مشتركة، وربط شبكات الكهرباء بين الدول الأعضاء. لكن بزوغ التنافس بين السعودية والإمارات، خاصة فيما يتعلق بالسيطرة الإقليمية والنفوذ السياسي والاقتصادي، بدأ يبرز بوضوح.
برزت الخلافات بشكل واضح في السياسات المشتركة، مثل انسحاب الإمارات من مشروع العملة الموحدة في 2009 والتباين في المقاربات الإقليمية للصراعات.
العوامل التي أدت إلى تدهور العلاقات:
1. الربيع العربي: شهدت السعودية والإمارات اتحادًا في معارضتهما للحركات الديمقراطية والإسلامية، ما أدى إلى نشر قوات درع الجزيرة في البحرين، ولكن الربيع العربي أدى أيضًا إلى تعزيز التعاون بينهما بعد تولي الملك سلمان الحكم في السعودية عام 2015.
2. الحرب في اليمن: شاركت السعودية والإمارات في التحالف ضد الحوثيين، ولكن سرعان ما بدأت المصالح المتنافسة بينهما في التظهر، حيث دعمت السعودية حكومة هادي، بينما اتجهت الإمارات نحو دعم الميليشيات المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
3. الخلافات الاقتصادية: تحولت الإمارات إلى مركز تجاري وسياحي رئيسي، في حين ركزت السعودية على خطط تنويع اقتصادها، مما أدى إلى تنافس شديد على جذب الاستثمارات والشركات.
4. الخلاف الحدودي: ينطوي الخلاف الحدودي بين السعودية والإمارات، والذي تم تسليط الضوء عليه في منظمة الأمم المتحدة، على جوانب متعددة تتجاوز الأبعاد الجغرافية البسيطة. يُصف هذا الخلاف بأنه “تنافس مبطن” أو “تنازع على الريادة الإقليمية” بين البلدين الخليجيين خلال العقد الماضي. يتضح من رسائلهما إلى الأمم المتحدة اتساع الفجوة بشأن النزاع الحدودي، مما يرجح أن يكون هذا نتيجة لخلافات أخرى معقدة. يسعى كل من السعودية والإمارات لإثبات حقوقهم السيادية دوليًا، وهو ما يعكس التنافس الاستراتيجي والاقتصادي بينهما. وبالرغم من هذه الخلافات، يعتقد بعض المراقبين أن هناك فرصًا لردم الفجوة، على الأقل مؤقتًا، نظرًا لوجود مصالح مشتركة تفوق الخلافات الحالية بين البلدين. تأتي هذه الخلافات في إطار علاقاتهما المعقدة، والتي تتأثر بالتحديات الإقليمية والدولية وتطلعات كل منهما في أن يكون مركزًا استراتيجيًا في المنطقة.
آثار التنافس على مجلس التعاون الخليجي:
التنافس السعودي الإماراتي أثر سلبًا على وحدة المجلس وفعاليته، حيث زادت الخلافات وأصبح من الصعب تحقيق التكامل بين الدول الأعضاء. هذا التوتر أيضًا يثير مخاوف من هيمنة سعودية تعيق التعاون الفعال.
مستقبل العلاقات السعودية الإماراتية:
في ظل عدم وجود بوادر واضحة على حل الخلافات في المدى القريب، من المتوقع أن يستمر التنافس بين البلدين، مما قد يؤدي إلى تعقيد الأمور وتفاقم الخلافات على المدى الطويل. هذا قد يهدد استقرار المنطقة ويضعف دور مجلس التعاون الخليجي في المشهد الإقليمي.
ختامًا، فإن التنافس السعودي الإماراتي يشكل تحديًا كبيرًا لمجلس التعاون الخليجي. إذا لم يتم التعامل مع هذه الخلافات بشكل فعال، فقد يؤدي ذلك إلى تقسيم المنظمة وإضعافها بشكل كبير، مما يمكن أن يلحق ضررًا جسيمًا بالاستقرار والتطور في المنطقة.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي