حول الخليجعاجل

تحديات واحتمالات.. مستقبل التطبيع بين السعودية والكيان الإسرائيلي المحتل

 

تقرير: علي الجابري

يعد التطبيع بين السعودية ودولة الكيان المحتل خطوة غير عادية في سياق التطبيعات الإقليمية، تحتمل الكثير من التحديات والمخاطر السياسية والشعبية.
هذه الخطوة تطرح تساؤلات كبيرة حول مدى استعداد المملكة للتوصل إلى تفاهمات تختلف عن سياساتها التقليدية، بما في ذلك موقفها المؤيد لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
ومن هنا، يبقى التطبيع محفوفًا بالمخاطر، مما يجعله أمرًا غير مرجح في المدى القريب نظرًا لمقاومة الرأي العام العربي والإسلامي لهذه الخطوة، والتأثيرات المحتملة على السياسة الإقليمية والداخلية.
فيما يلي نظرة على فرضية التطبيع بين العقبات والاحتمالات، حيث تواجه هذه الخطوة تحديات كبيرة على مستوى الشعبية، الدينية، والسياسية.

فرضية التطبيع بين العقبات والاحتمالات:

تُعدّ فرضية التطبيع بين السعودية ودولة الكيان معقدة وغير محددة، حيث تواجه تحديات كبيرة على المستويات الشعبية والدينية والسياسية، ويمكن الإشارة إلى العقبات والاحتمالات باختصار في النقاط التالية:

العقبات:

• الشعور الشعبي: يرفض غالبية السعوديين والشعوب العربية التطبيع دون حل القضية الفلسطينية.
• المصالح الدينية: قد يؤثر التطبيع على رمزية المملكة الدينية ومصالحها مع دول ترفض علاقات مع إسرائيل.
• التغيير الاجتماعي: يتطلب قبول التطبيع شعبيًا تغييرًا جذريًا في وعي المجتمع السعودي المعادي لإسرائيل تاريخيًا.
• الوقت: قد يستغرق قبول التطبيع شعبيًا سنوات أو حتى جيلًا.

الاحتمالات:

• التطبيع الرسمي المحدود: قد يقتصر التطبيع على العلاقات الرسمية بين الحكومات والمؤسسات دون تغييرات جوهرية على الأرض.
• التغيير التدريجي: قد يحدث التطبيع تدريجيًا، مشابهًا لتجارب بعض الدول العربية الأخرى.
• التأثير طويل المدى: قد يؤدي التطبيع على المدى الطويل إلى تغيير قناعات الأجيال القادمة في الشرق الأوسط.

ميزان القضية الفلسطينية في التطبيع بين السعودية والكيان المحتل:

يعد تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل من أكثر المواضيع إثارةً للجدل في الشرق الأوسط، خاصةً بالنظر إلى قضية فلسطين التي تعتبر محورية ومركزية للشعوب العربية والإسلامية. ميزان القضية الفلسطينية في هذا السياق يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه أي محاولة للتطبيع الكامل بين السعودية والكيان الإسرائيلي.


أولاً: وقبل كل شيء، القضية الفلسطينية تمثل للمملكة العربية السعودية وللشارع العربي والإسلامي في العموم، قضية حقوقية وسياسية أساسية. فإن قبول أو رفض أي اتفاق تطبيعي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى حل القضية الفلسطينية بشكل نهائي وعادل. لذلك، تُشاهد المملكة باعتبارها مصدرًا رئيسيًا لمبادرة السلام العربية التي تطالب بتحقيق السلام الإقليمي عبر حل القضية الفلسطينية على أساس حدود عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
ثانيًا: لدى السعودية دور ريادي في الدعم الدبلوماسي والسياسي للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. ومن هذا المنطلق، تعتبر المملكة التطبيع الكامل مع إسرائيل خطوة غير ممكنة إلا بعد حل القضية الفلسطينية، حيث أن أي تطبيع يمكن أن يُنظر إليه على أنه خيانة للقضية العربية والإسلامية المشتركة.
ثالثًا: التوازن بين التطلعات الدبلوماسية والسياسية للسعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبين الحفاظ على موقف قوي وواضح تجاه القضية الفلسطينية، يمثل تحديًا بالغ الأهمية. فالمملكة تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالحها الاستراتيجية والمبادئ التي تنادي بها الأمة العربية والإسلامية في قضية فلسطين.
يظل ميزان القضية الفلسطينية هو العامل الرئيسي الذي يحدد سياسة السعودية تجاه التطبيع مع إسرائيل. والتحدي يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين التطبيع الدبلوماسي والحفاظ على الشرعية والدعم الشعبي لقضية فلسطين، مع النظر في الديناميكيات الإقليمية والدولية التي تتغير باستمرار.

من الخاسر الأكبر حال فشل التطبيع؟

إذا فشل مسار التطبيع بين السعودية ودولة الكيان الغاصب، فإن دولة الاحتلال ستكون الخاسر الأكبر في هذا السيناريو، حيث ستواجه عواقب سلبية متعددة على مستوى الأمن القومي والسياسي، وقد يتعزز التعاون السعودي مع دول مثل إيران وتركيا ودول أخرى.
كما أن التقارب المحتمل بين الرياض وطهران قد يمثل تهديدًا كبيرًا لإسرائيل، حيث يمكن أن يزيد من التوترات الإقليمية ويجعلها تواجه ضغوطًا دولية وإقليمية لتقديم تنازلات أكبر من أجل استقرار المنطقة وأمنها الوطني. هذا التوتر قد يجعل إسرائيل تحت ضغط دولي أكبر للتعامل مع قضايا مستعصية مثل القضية الفلسطينية بشكل أكثر جدية وتفصيلاً.
من ناحية أخرى، يمكن لدولة الكيان المحتل أن تستفيد بشكل كبير من التطبيع المحتمل مع السعودية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تسهيل دخولها إلى الأسواق العربية وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، مما يعزز من قدرتها على التأثير في السياسات الإقليمية وتعزيز أمنها الوطني على المدى الطويل.
بالتالي، يظهر أن فشل مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل قد يجعل الأخيرة تواجه تحديات كبيرة تؤثر على أمنها وموقفها الإقليمي، بينما يمثل التطبيع للكيان فرصة لتعزيز موقفه وتوسيع نفوذه في المنطقة.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى