أخبارحول الخليجعاجل

إيران بعد بزشكيان.. تحديات السياسة النووية والاقتصادية ومستقبل العلاقات الدولية

 

تقرير: علي الجابري

بعد انتخاب المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران، أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تتوقع أي تغيير في سياسة طهران، معتبرة أن هذا التطور لا يعزز احتمالات استئناف الحوار بين البلدين.

قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: “لا نتوقع أن يقود هذا الانتخاب إلى تغيير جوهري في توجهات إيران وسياساتها”، موضحًا أن المرشد الأعلى علي خامنئي هو من يتخذ القرارات في إيران.
وأضاف ميلر أنه “لو كان الرئيس الجديد يتمتع بسلطة اتخاذ خطوات للحد من برنامج إيران النووي ووقف تمويل الإرهاب والأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، لكانت تلك الخطوات موضع ترحيب، لكن لا نتوقع حدوث ذلك”.
وفيما يتعلق باستعداد الولايات المتحدة لاستئناف المسار الدبلوماسي مع إيران بعد انتخاب بزشكيان، قال ميلر: “كثيرًا ما قلنا إن الدبلوماسية هي أكثر الطرق فاعلية للتوصل إلى حل فاعل ومستدام فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي”.
في المقابل، عندما تم سؤال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي عن استعداد الولايات المتحدة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران، رد قائلاً: “كلا”، وأوضح “سنرى ما الذي يريد هذا الرجل تحقيقه، لكننا لا نتوقع أي تغيير في السلوك الإيراني”.
تولى جو بايدن الرئاسة في عام 2021 آملاً العودة إلى الاتفاق الدولي المبرم مع إيران في عام 2015 حول برنامجها النووي الذي أبرم في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، لكن في عام 2018 انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات مشددة على طهران.
المحادثات التي تمت بعد انتخاب بايدن وتوسط الاتحاد الأوروبي فيها انهارت جزئيًا بسبب خلاف حول العقوبات التي سترفعها الولايات المتحدة عن إيران.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر

التحديات الاقتصادية والسياسية

في السياق ذاته، أعرب بزشكيان عن رغبته في بدء صفحة جديدة في السياسة الخارجية لإيران، معلنًا أن طهران ستتبنى سياسة محايدة لا تتخذ جانب الشرق أو الغرب. وكان بزشكيان من مؤيدي الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة عام 2015، والذي عُقد في عهد الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني واستمر لمدة ثلاث سنوات.
وأعرب بزشكيان عن رغبته في انخراط إيران في مفاوضات تسمح بالعودة إلى الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 بناءً على قرار ترامب.
وتشهد العلاقات الأمريكية الإيرانية مزيدًا من التدهور، خاصة بعد الهجمات التي شنتها حركات المقاومة الفلسطينية على إسرائيل حليفة الولايات المتحدة في 7 أكتوبر الماضي، وهجمات حزب الله اللبناني المدعوم من إيران على الشمال الإسرائيلي.
عقب تولي بزشكيان رئاسة إيران، أكد دعم بلاده لحزب الله اللبناني في رسالة موجهة إلى أمينه العام حسن نصر الله، بثتها وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، قائلاً إن “نهج الدفاع عن المقاومة متجذر في السياسات المبدئية لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
التصريحات أشارت إلى عدم وجود تغيير في سياسات الحكومة المقبلة في المنطقة في ظل حكم بزشكيان، بعدما هزم منافسه سعيد جليلي في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة الجمعة الماضية.

استمرار الهيمنة

بعد انتخاب مسعود بزشكيان، المعروف بنهجه المعتدل، رئيسًا لإيران، لا يتوقع حدوث تغييرات جوهرية في طريقة إدارة البلاد بسبب هيمنة المرشد الأعلى علي خامنئي على القرارات العليا.
وفقًا لتقرير وكالة رويترز، قد يتمكن بزشكيان من إنعاش الاقتصاد، لكن نطاق تحركه سيكون محدودًا فيما يتعلق بالحريات الاجتماعية والبرنامج النووي والسياسة الخارجية، حيث يتولى خامنئي جميع القرارات العليا.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يعاني بزشكيان من تأثير القوى المحافظة التي يسيطر عليها خامنئي، مثل القضاء والقوات المسلحة ووسائل الإعلام، والتي حالوا في الماضي دون الانفتاح على الغرب.
وقد وضع خامنئي المبادئ التوجيهية للحكومة الجديدة، داعيًا بزشكيان إلى مواصلة سياسات سلفه إبراهيم رئيسي، الذي لقي حتفه في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في مايو الماضي. وأكد بزشكيان، البالغ من العمر 69 عامًا، دعمه لحزب الله اللبناني في رسالة إلى حسن نصر الله، قائلاً إن “دعم مقاومة شعوب المنطقة للنظام الصهيوني غير الشرعي (إسرائيل) متجذر في السياسات الأساسية للجمهورية الإسلامية”.

المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي

تطلعات وآفاق المستقبل

بزشكيان، جراح القلب السابق، فاز في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأسبوع الماضي وتعهد بانتهاج سياسة خارجية براجماتية وتخفيف التوتر مع القوى الكبرى.
غير أن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي قال إن الولايات المتحدة ليست مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران في عهد بزشكيان. يأمل بزشكيان في أن تؤدي المحادثات إلى رفع العقوبات الأمريكية الصارمة وسط تزايد الاستياء الشعبي من الصعوبات الاقتصادية.
ويقول محللون إن فوز بزشكيان كان انتكاسة للسياسيين المتشددين مثل منافسه سعيد جليلي، وأنه قد يواجه صعوبة في إحياء الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018.

فوز بزشكيان بالانتخابات الرئاسية الايرانية 2024
فوز بزشكيان بالانتخابات الرئاسية الايرانية 2024

التحديات الاقتصادية

التحدي الاقتصادي يمثل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه بزشكيان، ارتفع التضخم ليصل إلى 50% وتراجعت العملة الإيرانية بشدة، مما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات العمالية. بينما دعمت واشنطن وحلفاؤها احتجاجات الإيرانيين، تتهم طهران أعداءها الأجانب بإثارة الفتنة.
وعبر مسعود بزشكيان عن أمله في حل المشكلات الاقتصادية، مؤكدًا التزامه بسياسات نظام الجمهورية الإسلامية، إلا أن تحقيق هذه الوعود سيواجه صعوبات كبيرة في ظل الواقع السياسي والاقتصادي الراهن.

التوقعات المستقبلية

بالتأكيد، فإن تولي مسعود بزشكيان رئاسة إيران لن يعني تغييرًا كبيرًا في السياسة الإيرانية الحالية. استمرار دعم المقاومة في المنطقة، والنزعة المعادية للغرب، والأزمة الاقتصادية المتفاقمة، جميعها عوامل ستستمر في تشكيل السياسة الداخلية والخارجية لإيران.
تحقيق وعود بزشكيان الانتخابية سيعتمد إلى حد كبير على قدرته على التفاوض مع القوى العالمية وعلى الدعم الذي سيتلقاه من المرشد الأعلى والمؤسسات المتشددة. تبقى الآفاق المستقبلية لإيران تحت حكم بزشكيان غامضة ومعقدة، في ظل التحديات الداخلية والخارجية الكبيرة التي تواجهها البلاد.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى