رواية “هوارية” تثير زوبعة انتقادات بالجزائر وتغلق دار نشر
تقرير: ألفت مدكور
أعلنت دار “ميم” الجزائرية للنشر، عن انسحابها وتوقيف نشاطها فى طباعة الأعمال الأدبية والكتابية بشكل نهائي أمام حملة الانتقادات الواسعة التي طالت الإنتاج الأدبي مؤخرً بالجزائر.
قالت الدار في بيان نشرته “نعلن في هذا اليوم 16/07/24 انسحابنا من النشر، تاركين الجمل بما حمل كما فعلنا دوما. نعلن أن ميم أغلقت أبوابها منذ اللحظة في وجه الريح، وفي وجه النار، لم نكن إلا دعاة سلم ومحبة و لم نسع لغير نشر ذلك.
جاء قرار الدار علي اثر عملية الهجوم التى طالت الدار علي خلفية إصدارها ” رواية هوارية” للأديبة إنعام بيوض.
حصلت الرواية علي جائزة “آسيا جبار”، التي تنظمها وترعاها وزارة الثقافة الجزائرية، ما وضعها تحت المجهر وأحدثت ردود فعل واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
انتقادات واسعة أثيرت حول هوارية
بدأت “المعركة حول الرواية عقب إعلان فوز صاحبتها بالرتبة الأولى في النسخة السابعة من جائزة “آسيا جبار”،ووجه النشطاء إلي أعضاء لجنة التقييم جملة من الانتقادات اعتراضا علي ما اعتبروه “كلمات بذيئة” و”ألفاظا غير لائقة ” قامت المؤلفة بتوظفها في ثنايا الرواية حيث تدور أحداث العمل حول امرأة من مدينة وهران كانت تعمل عرّافة.
ركز منتقدي العمل علي جملة المفردات اللغوية التي استخدمتها بيوض أثناء حديثها في بعض المواضيع المتعلقة بـ”الجنس”، ما أثار جدلا كبيرا حول ما تضمنته الرواية، اعتبر البعض العمل نوعا من الخروجعن الحرية الفكرية المتاحة للمفكرين والأدباء تجاوزت الي خدش الحياء العام..
وقال عنها الكاتب الجزائري، نذير طيار” ان الرواية فجرت الأسئلة الحقيقية. وأعادت طرح دور القيم في العمل الفني. ليست المشكلة في “إنكشاريين جدد” “أعداء للفن”، ولا في أنصار “للأدب المنافق”، كما ليست هي في أنصار “الرواية الفاجرة” ولا في دعاة “أدب الدعارة”. إن جوهر المشكلة في النقاش المحتدم حول رواية هوارية هو عن موقع القيم الأخلاقية في الفن، وفي الكتابة الروائية بشكل خاص.
وتسائل نذير “هل يجوز للروائي أن ينقل بيت الدعارة إلى الرواية، بكل تفاصيله، وأشخاصه، وقاموسه اللغوي الجاهز؟ أم عليه أن ينقل ذلك، محافظا على الأشخاص والتفاصيل، من خلال بذل جهد لتشكيل لغة خاصة أدبية اكثر راقيا؟ هل نحن ملزمون، كمثقفين وباحثين واكاديميين، بتبني رؤية المدارس الغربية للفن، جملة وتفصيلا دون معالجة؟ أم علينا الاستفادة منها من خلال تكييفها مع قيمنا الأخلاقية وثقافتنا الاجتماعية الذاتية؟.
مؤيدي الرواية يصفون منتقدي بيوض بالظلامية
علي الجانب الأخر لاقت الرواية تأييد بعض الكتاب والإعلاميين وكتبت الإعلامية “نسمة غويل ” يمكن القول إن رواية هوارية “بسيطة” مقارنة بروايتها الأولى “السمك لا يبالي” في اشارة الي تتويج العمل بالجائزة. متسائلة ، ما سّر هذا الهجوم والمحاكمة الأخلاقية على كاتبة دون غيرها من الكتاب؟ ومن يقرأ ويشارك مقتطفات من الرواية ويحكم عليها، فلا حديث معه”؟.
ودون الكاتب الروائي “واسيني الأعرج ” علي صفحته الشخصية بعض الأسئلة بدئها بسؤال بسيط: لماذا أثارت رواية “هوارية” زوبعة ظالمة لم تتوقف حتى اللحظة، بينما استقبل فوز الرواية باللغة الأمازيغية “1954 ميلاد أمل” للهاشمي كراش، والرواية المكتوبة بالفرنسة “القمر المفتت” لعبد العزيز عثماني، بهدوء ولم نقرأ شيئا مسيئا للكاتبين؟ لماذا؟
من هي الروائية إنعام بيوض؟
تعمل إنعام بيوض بتدريس الترجمة بشقيها التحريري والشفوي، منذ اكثر من عشرين عاما بالجامعات الجزائرية، وهي أكاديمية ومترجمة وروائية وشاعرة جزائرية، صدرت لها العديد من الأعمال من بينها وروايتها: “السمك لا يبالي” (2003)، وديوانها “رسائل لم ترسل” (2003)، و”الترجمة الأدبية: مشاكل وحلول” (2003).
عينت بيوض عضوة في المجلس الاستشاري لتقرير المعرفة التابع لبرنامج الأمم المتحدة، وتشغل حاليا منصب مدير عام للمعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر، التابع لجامعة الدول العربية.
رد الروائية إنعام بيوض على الانتقادات الموجهة لرواية هوارية
علقت الكاتبة علي الانتقادات التي وجهت لها ، في تصريحات صحافية مؤخرا، أنها أرادت من خلال رواية “هوارية” أن “تنقل صورة وواقع الناس البسطاء الذين لا يملكون هوية وتعطيهم وجودا”، مؤكدة أنها “اختارت مدينة وهران، غرب البلاد، حتى تنقل صورة مبهجة عنها في السنوات التي سبقت العشرية السوداء”.
ويعد لفظة “هوارية” بالنسبة للمرأة أو “هواري” بالنسبة للرجل من أشهر الألقاب المنتشرة في مدينة وهران، نسبة إلى “الولي سيدي الهواري المغراوي”، حيث يتواجد ضريحة في حي شعبي، أسفل وسط المدينة، لذا اعتبر البعض النشطاء أسلوب الكاتبة خادش للحياء ومسيء إلى سمعة وصورة مدينة وهران.
وعلقت الأديبة والإعلامية، فاطمة الزهراء برياح، في حدة على المؤلفة قائلة” كان عليها أن تدرك جيدا أن أهل مدينة وهران أصحاب الكرم والنخوة لن يرضوا بما كتبته في روايتها و كل أصابع الاتهام موجهة لمدينة تاريخية تقدس كثيرا اسم هواري وهوارية، رمز عائلات وهران الأشراف ، وسيتفاعل الوهرانيون وسيقيمون الدنيا ويقعدونها بسبب هذه الرواية”.
مواصلة” بيوض حرة في إبداعها و في إباحيتها في روايتها وما تحمله القصة من خيال أو واقع حسب ما نشر من صفحات هذه الرواية ، فلقد كتب قبلها روائيون قصصا تحمل الإباحية والانفتاح… فهذا لا يهمنا، لكن السيدة إنعام ليست حرة في استخدم اسم رمزي و له قدسيته في وهران”.
ونشرت دار ميم بيان عل صفحتها بموقع فيسبوك قالت فيه “مضت سنوات من المعافرة، على حلوها ومرّها، حاولت فيها دار ميم للنشر، أن تقدم للجزائر، للمثقف، للقارئ، للكاتب، للمشهد ولصناعة الكتاب عملا ذا قيمة فنية جمالية ومعرفية، أصابت وأخطأت ككل مجتهد، ولكنها قدمت صورة طيبة للبلاد في كل المحافل، كما يعلم الجميع، لم تطمع في أكثر من ذلك، الحرص على المعنى وجدوى أن تكون في مكان وتعطي وقتك ومالك وانتباهك له.. ولكن لا جدوى ولا معنى من محاربة العبث.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي