المهندس “يحيى عياش” .. عاشق الحافلات المفخخة.. كابوس إسرائيل وعدوها الأول
كتبت: نجوى إبراهيم
تحولت المقاومة فى الانتفاضة الفلسطينية من مقاومة بالحجارة إلى مقاومة مسلحة وتضمنت أيضا السيارات المفخخة واستهداف تجمعات الاسرائيليين عبر العمليات الاستشهادية التي كان لها أبلغ الأثر في زعزعة معنويات الاحتلال…وكان الفضل فى هذا يعود للمهندس الشاب “يحيى عياش”الذى ابتكر تركيبة متفجرة بالاضافة إلى تطوير الدوائر الكهربائية اللازمة لصنع السلاح التفجيرى الأول للمقاومة الفلسطينية ..استعان بموهبته الفذه ومخزونة العلمى والعقلى المتفرد ..كانت خطته تقوم على تصنيع مواد متفجرة بأقل الامكانات ..مواد أولية موجودة فى الطبيعة الفلسطينية ..فشلت تجربته الأولى وفى المحاولة الثانية كانت النتائج مبهرة ..أشاد بها الجميع وكأنهم بهذا الابتكار استطاعوا الخلاص من الاحتلال الصهيونى الذى يحتل أرضهم..
تحدث عنه القائد القسامى البارز “صالح العارورى “قائلا : إن العدو عندما يرى أصحاب الحق الذين يقاتلهم ذاهبين إلى الموت باختيارهم فإنه لن يجد مفرا من الهزيمة النفسية.
عرف عن المهندس”عياش”التزامه وتدينه وعمق تفكيره ..وصفه أحد مسئولى جهاز الأمن الاسرائيلى بإنه ذكى ومتملص بارع ووصفوه أيضا بانه كالسحر أو الكابوس ..فرغم المحاولات المتكررة لاعتقال المهندس الشاب إلا أنه كان حريص على استبدال مخبئة باستمرار.
وهذا ما اعترف به المسئولين الاسرائليين مؤكدين بأنهم كلما اقتربوا منه تنشق الأرض وتبتلعه.
فى أواخر عام 1992 :كان فريق المهندس “يحيى عياش “المكون منه وثلاثة مهندسين آخرين هم “زاهر جبارين وعلى عثمان عاصى وعدنان مرعى” استكمل المستلزمات الخاصة لانشاء المواد المتفجرة للانتقال بالمقاومة الفلسطينية نحو مرحلة الكفاح المسلح والاتجاة إلى تنفيذ العمليات العسكريةوتحديد الاهداف بدلا من رمى الحجارة .
كان حلم عياش أن يصل إلى المعادلة الكيميائية وهو تحويل المواد الكيماوية والأولية إلى متفجرات.
بداية العمليات
كانت البداية مع تفجير الحافلات هى تركيب العبوات التى قدر وزنها ب 40 كيلو جرام من المواد المتفجرة ربطت بجهاز التفجير وأربع اسطوانات غاز ..فى حافلة صغيرة من طراز فان، تحمل لوحات معدنية صفراء -اللوحات الإسرائيلية- استولى عليها أحد أعضاء حركة حماس من مدينة تل أبيب فى 20 نوفمبر 1992 ..وكان هذا التاريخ “بداية قصة الحب التى يعيشها المهندس عياش مع الحافلات الاسرائيلية ..كما قال الكاتب ألكس فيشمان فى مقال له نشر فى صحيفة معاريف فى أكتوبر 1994 تحت عنوان ” أعرف عدوك: “المهندس هو المطلوب الأول”.
بداية المطاردة
فى 25 إبريل 1993 بداية المطاردة الرسمية للمهندس يحيى عياش ..بدأت المداهمة بمنزله حيث توجهت قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلى والمخابرات إلى منزله ..ولكنه كان غادر المنزل واتجه مع وملاءه بالكفاح لاتخاذ الكهوف والمغارات قواعد انطلاق لهم ضد جنود ودوريات الاحتلال ..هدد قوات الأمن الاسرائيلى والد المهندس الشاب مؤكدين له :يجب على يحيى أن يسلم نفسه وإلا فانه سوف يقتل وسوف نهدم المنزل على رؤوسكم.
لم يهدأ كفاح المهندس الشاب بهذا التهديد بل توالت العمليات الانتقامية تحت إشرافه حتى أصبح “عياش ” المطلوب الأول للمخابرات الإسرائيلية.
مذبحة الحرم الإبراهيمي
فى 25 فبراير عام 1994 الموافق 15 رمضان اقتحم الطبيب الصهيوني “باروخ جولدشتاين” المسجد الإبراهيمي تحت أعين جنود الاحتلال، الذين أغلقوا بوابات المسجد ليمنعوا المصلين من الهرب، قبل أن يفتح “جولدشتاين” النار على المُصلين ويقتل 29 مصليا ويجرح 15 آخرين.
انقضَّ المصلون على الطبيب القاتل وقتلوه، لكن هذا لم يمنع الأمن الصهيوني من مفاقمة أرقام الشهداء والجرحى بأعمال عنف وإرهاب بالغة،..أثار هذا غضب المهندس الشاب “يحيى”
واتخذ قرار حاسم بالثأر لاهله بعد هذه المذبحة.
عمليات للثأر من إسرائيل
جاءه رده سريعا يوم 6 أبريل من العام نفسه من خلال تفجير سيارة مفخخة كانت تتجه نحو محطة الحافلات المركزية بمدينة العفولة كما خطط “عياش”. وفي لحظة شروع الركاب في الدخول إلى الحافلة، أوقف المقاتل “”رائد زكارنة”سيارته المفخخة عند مقدمتها، وما هي إلا ثوانٍ حتى كانت أصوات الانفجارات تملأ الشارع وتقتل في طريقها ثمانية مستوطنين.
عملية الخضيرة
لم تكن هذه العملية هى الثأر بل تبعها عدة عمليات استشهدية أخرى فبعد أسبوع واحد يوم 13 أبريل تم تنفيذ عملية جديدة “عملية الخضيرة “نفذها الفدائى “عمار عمارنة “برعاية وتخطيط عياش وفريقه ..تضمنت خطة العملية، تجهيز عبوتين ناسفتين بطريقتين مختلفتين. فالأولى، جرى تركيبها وتشكيلها بحيث يتم وضعها على الجسم، بينما ركب المهندس العبوة الثانية في حقيبة سفر صغيرة تشبه ما اعتاد جنود الاسرائيليين على استخدامها خلال تنقلاتهم من وإلى معسكراتهم.
وصل “عمار عمارنه ” بعد أن ربط على جسده عبوة متفجرة فيما حمل الثانية داخل حقيبة سوداء إلى محطة الحافلات المركزية في مدينة الخضيرة ووقف في مكان الانتظار الخاص بالحافلة..وعند توقف الحافلة فى المحطة لانزال الركاب ونقل آخرين صعد عمار إليها من الباب الخلفي بعد أن ترك الحقيبة المفخخة في الموقف بناء على تعليمات المهندس. وخلال ثوان قليلة، فجر العبوات التي تحزم بها ويقتل ما لا يقل عن خمسة بينهم ثلاثة جنود ويصيب نحو اثنين وثلاثين آخرين بينهم ثمانية عشر جندياً وفق ما اعترف به الناطق باسم الشرطة الاسرائيلية .. قامت وقتها جهاز الأمن الاسرائيلى “الشاباك “بحملة اعتقالات واسعة طالت نحو (500) مواطناً فلسطينياً , وضمت أئمة مساجد وطلاب وأطباء وأكاديميين.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي