كتاب “دليل الطفل الموهوب إلى فنون الكتابة” .. يعرف بنماذج مختلفة من الأنواع الأدبية وخصائصها الشكلية والأسلوبية
أحمد عبد الحافظ
يهدف كتاب “دليل الطفل الموهوب إلى فنون الكتابة” إلى تقديم شرح وافٍ لأنواع الكتابة المختلفة للأطفال والنشء، ليكون أرضًا خصبة ينطلق منها الموهوبون، ويكونون فكرة مبسطة عن كل نوعٍ من أنواع الكتابة سواء كانت كتابة أدبية أو صحفية، ويسعى الكتاب، الذي قامت بتأليفه الروائية وكاتبة الأطفال نجلاء علام، وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر، إلى إطلاع الناشئة على نماذج مختلفة من كل نوع، وتعريفهم بخصائصه الشكلية والأسلوبية التي تجعلهم قادرين بعد ذلك على التمييز بسهولة فيما بينها، والتعبير عن أنفسهم وأرائهم ووجدانهم من خلالها.
صفات الطفل المبدع
تتحدث المؤلفة في الكتاب عن صفات الطفل المبدع، وكيف يمكن اكتشافها، عبر جلسسات القراءة التي ترى أنها ترسخ لديه القيم والمباديء الإيجابية، وتُقوّم سلوكه ولغته، وتساعده على النمو الوجداني والانفعالي، والاجتماعي السليم، وتدربه على القراءة، وتنمي لديه مشاعر محبة الوطن، وترتقي بثقافته، ووعيه الجمالي والمعرفي.
وقسمت علام الكتاب إلى ثلاثة أبواب، الأول بعنوان “أنواع الكتابة الأدبية” ويهتم بتقديم أجناس الكتابة الأدبية للطفل مع نماذج لها مثل الشعر والقصة والرواية والمسرحية وغيرها، كما يعنى بتوضيح خصائص كل منها، والقيم التي تقوم عليها. أما الباب الثاني “أنواع الكتابة الصحفية” فيسعى إلى تقديم أنواع الكتابة الصحفية ونماذج لها مثل المقال والعمود واليوميات والحوار، وقد خصصت الكاتبة الباب الثالث “السيناريو” لتقديم أنواع السيناريوهات المختلفة، بما فيها السيناريو المصور والذي ترى أنه أحد الفنون الجاذبة للاطفال والتي يقبلون عليها.
مستويات الطفل الإدراكية ومراحلها
استهلت علام الباب الأول بحديث مستفيض عن مستويات إدراك الأطفال، وتفاوتها حسب كل مرحلة عمرية يمرون بها، وقالت إن الطفل في المرحلة المبكرة، أو مرحلة الخيال الإيهامي، يكون خياله حاداً, ما يجعله يتخيل الكرسي قطاراً, والعصا حيواناً, والوسادة كائناً حياً يتبادل معه الحديث، وهذا النوع من “خيال التوهم” هو الذي يجعل الطفل في هذه المرحلة يتقبل بشغف القصص والتمثيليات التي تتكلم فيها الحيوانات والطيور, ويتحدث فيها الجماد، بالإضافة إلي شغفه بالقصص الخرافية والخيالية.
أما في مرحلة الطفولة المتوسطة، أو مرحلة الخيال الحر، ففيها يكون الطفل قد ألم بكثير من الخبرات المتعلقة ببيئته المحدودة, وبدأ يتطلع بخياله إلي عوالم أخرى تعيش فيها الجنيات العجيبة والحوريات الجميلة, والملائكة والعمالقة والأقزام في بلاد السحر والأعاجيب, وترى علام أن كثير من أساطير الشعوب وقصص ألف ليلة وليلة، وما إليها تندرج تحت هذا النوع من القصص الخيالية الشائعة، وجميعها تهيئ للأطفال قدراً كبيراً من المتعة.
وأشارت إلى أن إعجاب الطفل بقصص الحيوان في هذه المرحلة يظل مستمراً, إلا أنه يتجه إلى الابتعاد عن خيال التوهم في تعامله مع الحيوان والجماد. وبدلاً من أن يتخيل العصا حصاناً نراه يسعى بطموحاته إلى أن يركب الحصان الحقيقي، أما عن تكوينهم الأطفال الأخلاقي في هذه المرحلة فلا يسمح لهم، حسب علام، بمعرفة معنى الأخلاق الفاضلة، وكنه المعايير الاجتماعية التي يدركها الكبار, وإنما يكون سلوكهم مدفوعاً بميولهم وغرائزهم حيث لا تجدي المواعظ ولا الأوامر كثيراً في توجيه الأطفال إلي سلوك معين، ولفتت الكاتبة إلى أن هذا يتأتي باستغلال ميولهم إلي اللعب والتقليد والتمثيل, وبالقصص الشائعة التي تقدم القدوة الحسنة والنماذج الطيبة والصفات النبيلة, والمباديء الاجتماعية التي تتمثل في التعاون والإخلاص والوفاء والصدق وبذل الجهد.
وظيفة الشعر لدى الطفل
أما عن الشعر فقالت مؤلفة الكتاب إن وظيفته تتركز في مساعدة الأطفال على اكتشاف الجمال، وتنمية حساسية أفكارهم، وأذواقهم، وأمزجتهم، ولكي يكون المبدع كاتبا للأطفال يجب عليه أن يمتلك دهشتهم ويحيا عالمهم ويحس إحساسهم ويحلق معهم في عالم الخيال، فالأنواع الأدبية لها تأثير كبير على الطفل، ودور مؤثر في تعديل سلوكه، كما أنها تقوم بتوجيه رسائل غير مباشرة له حول القيم الإيجابية والسلبية، وتصقل الذائقة الفنية لديه، وتنمي مفرداته اللغوية وقدراته التعبيرية.
وترى الكاتبة أن أكثر الجوانب تأثيرا على الطفل فتتركز في الناحية النفسية، ففي مراحله العمرية المختلفة كثيرا ما يتمثل بطل أو بطلة القصة أو المسرحية أو القصيدة سواء بالتقليد في السن الصغيرة أو التقمص في المرحلة العمرية الأكبر، ولذا يكون التأثير النفسي للعمل الأدبي مستمرا وغائرا في حياة الطفل.
وقالت نجلاء علام للشرق الأوسط إن فكرة كتابها بدأت منذ عام 2011 ، عندما كانت مشرفة على نوادي أدب الأطفال بالهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث لاحظت عدة مشكلات رئيسية تواجه نوادي أدب الطفل، وتعوقها عن الانجاز المنتظر منها وتحد من قدرتها على تقديم المواهب الإبداعية، وتتركز أهم المشكلات في عدم توافر ناشط أدبي متخصص في كثير من النوادي، تكون مهمته توجيه الأطفال الموهوبين المشتركين في النادي الأدبي.
تبسيط الأنواع الأدبية
ذكرت علام أن هذا دفعها إلى التفكير في أن تقدم مشروع كتاب يهدف إلى تبسيط الأنواع الأدبية للأطفال، ويكون مرجعا مطبوعا متوافرا دائما في قصور الثقافة، ويطلع من خلاله الطفل الموهوب على خصائص الأجناس الأدبية المختلفة، ويتعرف على الفروق بينها، ويتمكن بعد ذلك من اختيار النوع الأدبي الذي يريد الكتابة من خلاله، وقد قامت بالفعل بتبسيط هذه الأنواع في 33 صفحة تقريبا، وقدمت المشروع إلى الهيئة في ذلك الوقت، ولكن لم يتم الالتفات إليه.
وأشارت علام إلى أنها لم تيأس من تنفيذ مشروعها بل ترسخت الفكرة بشكل كبير داخلها، وزاد شعورها بأهميتها في كل مرة كانت تذهب فيها لورشة قراءة أو كتابة أو حكي مع الأطفال الذين تكشفت أمامها رغبتهم في المعرفة ومحبتهم لتنمية مواهبهم. وقالت إن كل هذا جعلها تحرص أن يخاطب الكتاب الطفل الموهوب والمشرفين والمتعاملين معه داخل المكتبات أو قصور الثقافة أو الجمعيات الأهلية وغيرها.
وذكرت أنها على امتداد السنوات الماضية كانت دائما ما تضيف إلى فكرة الكتاب الرئيسية وتنتقحها، وتختار العديد من الأمثلة المتنوعة التي تثري وجدان الطفل، وقد ظلت تفعل ذلك حتى استشعرت أن الكتاب أخذ شكله المناسب لطبيعة الأطفال ومستوى إدراكهم، وهو في رأيها الكتاب الأول من نوعه الذي يتصدى لهذه القضية المهمة، ويهدف لتنمية موهبة الطفل في مجال الكتابة عموما سواء الأدبية أو الصحفية أو في مجال السيناريو المصور “الكوميكس”، فهو دليل مفيد لكل طفل يشعر بالموهبة ويحب أن يُعبّر عن نفسه.
ولفتت علام إلى أن هناك أطفال موهوبين يتوقفون عند الوسيلة التي يمكنهم التعبير من خلالها عن مكنونات أرواحهم، ويتساءلون هل يُعبّرون عنها من خلال القصة أم القصيدة أم المقال، وكما يبحثون عن شكل القصة وكيف يكتبونها؟ والقصيدة، وأنواع الشعر؟ والمقال، وأشهر من كتبه؟ وكيف يمكنهم تصنيف الأعمال الأدبية؟ وما هي خصائص كل صِنفٍ أو نوع، وهو ما سعت إلى الحديث عنه بلغة بسيطة تناسب الأطفال خلال فصول الكتاب.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي