الشهيد “مصطفى بن بولعيد” .. شخصية ثورية.. وأبرز مهندسي ثورة التحرير الجزائرية
كتبت: نجوى إبراهيم
الشهيد البطل “مصطفى ابن بولعيد ” قائد الأوراس وأحد أبرز مهندسى ثورة التحرير الجزائرية، قائد عسكرى تميز بشخصية ثورية ذات أبعاد إنسانية، قاوم الاستعمار الفرنسى للجزائر وأثبت جدارته في مواجهتة وأشعل فتيل الثورة، يعتبر
” أبولعيد ” المحرك الرئيسى للثورة الجزائرية، تولى “مصطفى بن بولعيد” العديد من المهام السياسية وانتسب إلى عدة تنظيمات نقابية قبل بداية عمله العسكرى، أثنـاء أدائه للخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية تولى أظهر اجتهادا كبيرا وتم تدريبه على استعمال القنابل والأسلحة الحديثة آنذاك…وتولى العديد من المهام العسكرية التى أهلته أن يكون جدير بعضوية حزب الشعب الجزائرى الذى انضم اليه ..وكان ذلك حلما راوده منذ بداية شبابه.
كان “أبو لعيد” يكره الاستعمار الفرنسى ويرفض بقاءه ولذلك كان مؤيّداً «لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين» رائدة الإصلاح الديني ..فكان يرى أن حزب الشعب الجزائري وجمعية العلماء هيئتين مؤهلتين لقيادة البلاد نحو الاستقلال.
فور خروج”مصطفى ابن أبو لعيد ” من التجنيد أواخر مارس 1945 انخرط فى صفوف حزب الشعب الجزائرى بتزكية من المناضل “اسمايحي الحاج أزراري” مسؤول خلية حزب الشعب الجزائري بأريس…وشارك في الأعمال السياسية التي يقوم بها الحزب منذ ذلك الحين.
وفى انتخابات 1946 التى رشح فيها بودة أحمد ممثل حزب الشعب، شارك” بولعيد” في الحملة الدعائية ضد المرشحين من عملاء فرنسا في النشاط الذي قام حزب أحباب البيان ..وكان للحافلتين اللتين يملكهما دور كبير في تعزيز ونشر سياسة الحزب في بعض الدواوير التي لم يصلها بعد..
نشاطه فى الحزب وتفانيه فى العمل ساعده فى تولى العديد من المناصب القيادية والعليا به ..قام “أبو لعيد بتكوين العديد من الخلايا وفي 1947 أصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب ومسئول حركة الانتصار للحريات الديمقراطية..كما شارك فى حملة التوعية على الاحتجاج بتحرير جديدة “الجزائر الحرة”.
فى عام 1948 قرر الحزب ترشيح “بولعيد” كممثل لمنطقة الأوراس في مجلس نواب الجزائر ففاز في الدورة الأولى بـ10 آلاف صوت أي 95% ونتيجة لذلك ستدعاه حاكم آريس وحاول استمالته وإغراءه لكن بن بولعيد رفض عروضه وتمسك بمبادئه.. ولذلك تم اقصاءه من الدورة الثانية بالتزوير فأدى ذلك إلى وقوع أحداث عنف دامية في كل من فم الطوب وكيمل وبوزينة.
تأسيس المنظمة الخاصة
فى 16 و17 فبراير عام 1947 بعد أن عقد حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية اجتماعا بالعاصمة الجزائر تقرر إنشاء جناح عسكري للحرب هدفه التحضير لثورة مسلحة..وقدم المناضل الثورى “العربى بن مهيدى”برفقة “أبو لعيد” إلى آريس وشرعا الاثنين بتكوين الخلايا الأولى للمنظمة وعين بن بولعيد قائدا لفرع الأوراس التابع لقسنطينة فى بادئ الأمر وأمره بجمع الأسلحة وتخزينها.
وتم تأسيس خمس خلايا فى مناطق مختلفة ..الخلية الأولى بمدينة أريس وتتكون من اسمايحي بلقاسم (قائدا) وصالحي لمير ومختاري محمد الصالح وبلدي دوعلي، والخلية الثانية في قرية الحجاج وتضم محمد بعزي (قائدا) وبلقاسم بورزان وعلي بوغوث ولمبارك عزوي والخلية الرابعة بلمدينة وتتكون من مسعود عايسي (قائدا) وعمار بلهروال ومحمد شريف بن عكشة ومحمد الصغير تيغزة، والخلية الخامسة في فم الطوب وتتألف من محمد الهادي بخلوف (قائدا) والصالح نجاوي وعيسى جار الله وعلي بن الطيب جار الله.. بالنسبة للتسليح فكان أعضاء من المنظمة يسافرون إلى تونس لشرائه من الشركات الإيطالية ويتم تخزينه في انتظار اندلاع الثورة، أما بالنسبة لأعضاء المنظمة فكان لزاما على كل عضو أن يتدبر سلاحه بنفسه ومن ماله الخاص كما اشترى بن بولعيد بنفسه كمية كبيرة بأمواله الخاصة بعضها محلي والبعض الآخر عن طريق الحدود الليبية التونسية وخزنها في مطامير .
وكان بن أ بولعيد يعقد الاجتماعات ثلاث مرات في الأسبوع مع خلايا المنظمة ويخصهم بالتعرف على إستراتيجية البلاد والتدرب على الأسلحة حيث اشترى لذلك الغرض مزرعة بفم الطوب حولها إلى مركز تدريبات عسكرية.
تجربة “مصطفى بن بولعيد” السياسية ونشاطه الوطنى كان سببا فى شن سلطات الاحتلال الفرنسى حملة من الاعتقالات بمنطقة آريس عقب اكتشاف المنظمة الخاصة عام 1950 ..كان ابن بولعيد أحد أعضاء المنظمة البارزين، حيث كان يعمل في بداية تأسيسها تحت قيادة كل من المجاهد عبد القادر العمودي بصفته مسؤولاً مباشراً والشهيد ابن مهيدي بصفته مسؤولاً عن جنوب شرق الجزائر، لكنه لم يلبث حتى تسلم مسؤولية أريس خلفاً لمسؤوله المباشر عبد القادر العمودي. ..وبذلك تحولت هذه المنطقة إلى حصناً منيعاً وملاذاً للمناضلين الفارين من المناطق الأخرى كالقبائل والشمال القسنطيني.
وفى عام 1951 تكررت عملية تزوير الانتخابات ..ووقعت أيضا أحداث دامية في كيمل وتكوت وفم الطوب فحشد الاستعمار جيوشه العسكرية المقدرة بـ 40 ألف جندي وطوق بها الأوراس من كل الجهات وكثر الظلم وحملات التفتيش المتلاحقة فأسس بن بولعيد جبهة الدفاع عن الحريات وشارك في هذه الجبهة حزب البيان وجمعية العلماء والحزب الشيوعى وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية ..وتم محاكمة حاكم آريس على الحوادث الانسانية التى تمت بدها قررت قيادة الحزب حل المنظمة الخاصة وإعادة إدماج أعضائها في المنظمة السياسية ..فيما عدا خلية الأورس فقد قام بن بولعيد بتجميد نشاطها مؤقتا ليعيد بعثها بعد أزمة الحزب سنة 1953.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي