شخصيات عربيةعاجل

ثلاث فرضيات وراء اغتيال القائد الثوري “مصطفى بن أبولعيد”

 

كتبت: نجوى إبراهيم 

رغم استشهاد البطل  “مصطفى بن أبو لعيد” إلا أن صداه التاريخى سيظل باقيا على مر الزمان، فهو رمزا من رموز الثورة الجزائرية بل قائدها الحقيقى خاصة فى منطقته الأوراس، سيظل شخصية تاريخية وعلامة فارقة في تاريخ الحركة الوطنية.

تدرّج ذلك البطل في كل مسؤوليات النضال السياسي والعسكري، حتى نال لقب أب الثورة وأسد الأوراس مهد الثورة وأقوى مناطقها.

اتسم الشهيد “مصطفى بن بولعيد” بالشجاعة والإقدام والوطنية,كما عُرف بالنزاهة والاستقامة والانسانية ..تمسك بمبادئه فلم يحد عنها. وضع أهدافاً وسعى بكل قوته إلى تحقيقها. ..امتلك مهارو التخطيط والتنظيم والتعبئة فى مواجهة الاحتلال الفرنسى ..كان واحدا من أبرز القادة الذين قادوا جبهة  التحرير الوطنى والثورة  الجزائرية.

كان يتمتع بوعى نقابى متقدم وكان ثوريا وقائدا عسكريا وسياسيا يمتلك أهدافاً ورؤية واضحة لأبعاد القضية الجزائرية، لم يخضع للظروف العبة التى فرضها الاحتلال الفرنسى على الجزائريين، كان قادا على ايجاد الحلول لكافة المشكلات التى تواجه الثورة.

أسس “بن أبولعيد” جمعية خيرية فى بداية شبابه وساهم في إنشاء المسجد وترأس لجنته إدراكاً منه لدوره الانسانى و التوجيهي والإصلاحي والتعبوي ,كما حول محله التجاري إلى ما يشيه النادي في الالتقاء وتناول الأوضاع، فرغم أن هذا البطل كان أباً لـ7 أطفال، لم يتردد في صرف أمواله كلها في سبيل عائلته الوطنية وقضية بلاده.

اغتيال البطل “مصطفى بن أبو لعيد”

رغم مرور أكثر من نصف قرن على اندلاع ثورة التحرير الجزائرية ..إلا أن الغموض لا يزال يكتنف قضية  إغتيال البطل “مصطفى ابن أبو لعيد ” أحد الستة الذين فجروا الثورة ..ورغم أن الاحتلال الفرنسى هو المستفيد الأول من اغتياله إلا أنه تم التعتيم على هذه القضية ..وكل ما اثير وقتها أن استشهاد “بن بولعيد” كان نتيجة انفجار جهاز إشارة مفخخ في ظروف  غامضة.

تناول بعض الباحثين في تاريخ الثورة الجزائرية قضية اغتيال “مصطفى بن بولعيد”وتم طرح ثلاث فرضيات حول اغتياله ..

عملاء المخابرات الفرنسية وراء اغتياله 

الفرضية الأولى تدين المخابرات الفرنسية بتدبير عملية الاغتيال هذه لأنها كانت تسعى للقضاء على قائد الأوراس مهما كلفها ذلك من ثمن، وذلك منذ تمكن مصطفى من الفرار من سجن الكدية وما يشكله ذلك من خطورة على الوجود الاستعماري، واعتراف ضباط المخابرات الفرنسية في مذكراتهم بأنهم هم من دبروا عملية الاغتيال، حيث اتهم الباحث المتخصص فى قضايا الثورة الجزائرية “محمد عباس ” المخابرات الفرنسية  فى باريس بتدبير مخطط اغتيال “مصطفى ابن أبولعيد” مشيرا إلى  اعترف عدد من جنرالات فرنسا أنفسهم بهذا واعتبروه نصرا يحسب لهم ,ونشر أحد رجال المخابرات الفرنسية كتابا تحت اسم مستعار تحدث بالتفصيل عن هذه العملية “الناجحة” التي أدت إلى تعطيل ولاية الأوراس عدة سنوات  وتحييدها عن الكفاح المسلح بعد أن كانت قلب الثورة النابض حيث اشتدت الانقسامات بين قياداتها.

أشار إلى أن حاجة قيادة الأوراس لجهاز إشارة للاتصال بقيادات الثورة في الداخل والخارج.

جعل مصطفى يتلقى الجهاز الذى كان ملغما بطريقة احترافية يصعب اكتشافها دون أن يتفحصه جيدا.

اغتياله عن طريق الخطأ

أما الفرضية الثانية ترجح وقوع خطأ أدى إلى استشهاد مصطفى بن بولعيد، حيث كشف المنسق العام للثورة “محمد بوضياف “فى تصريحات له أن مجاهدا  يدعى على الالمانى كان ضمن صفوف جيش التحرير هو الذي قتل مصطفى بن بولعيد عن طريق الخطأ، ويقول في حوار أجراه معه الصحفي والكاتب خالد بن ققة في 1991 بالمغرب :..إن ثورتنا كان فيها أناس من أمم أخرى كالألمان، حتى أن أحدهم قتل مصطفى بن بولعيد خطأ، إذ وضع قنبلة في مذياع، ووجده رجال الثورة في الطريق، فأخذوه، وعندما فتح بن بولعيد المذياع تفجرت فيه القنبلة”

فعلي الألماني طبقا لشهادتي محمد بوضياف والرائد الطاهر سعيداني رفيق مصطفى  قام بتفخيخ جهاز الإشارة قصد استعماله ضد عدو، وهذا ما يبرر عدم أخذ مصطفى بن بولعيد حذره المعتاد عند استعماله لهذا الجهاز.

فيما يشكك الطاهر الزبيري صدق هذه الرواية قائلا  فى مذكراته أن المجاهدين نصبوا كمين لفرقة الجيش الفرنسى وحصلو على أسلحة وعندما أحضر المجاهدون جهاز الإشارة الصغير هذا قال لهم “مصطفى بن بولعيد” : “طوه حتى انشوفولوا خبير يتأكد إذا فيه مينا” بمعنى ضعوا جهاز الإشارة هذا جانبا حتى يفحصه خبير في المتفجرات لعل فيه لغم، وجاء الخبير وفحص جهاز الإشارة هذا وتأكد من أن الجهاز غير مفخخ،هذا ما سمعه الطاهر الزبيرى ..

الصراع بين قادة الأوراس

 أما الفرضية الثالثة تشير إلى وجود مؤامرة دبرت لاغتياله نتيجة للصراع بين قادة الاوراس  وتحمل مسؤولية اغتيال بن بولعيد للمجاهد عجول عجول الذى تولى قيادة الاوراس خلفا لمصطفى بعد اعتقاله ..وذهب “الطاهر سعيدانى “فى مذكراته لاتهام عجول باغتيال “مصطفى  انطلاقا من خلفيات الصراع بين عجول ومصطفى بن بولعيد الذي وبخه لقتله نائبه شيحاني بشير بطل معركة الجرف، بالإضافة إلى خلافات عجول مع شقيق بن بولعيد حول قيادة الأوراس.

فبعد اعتقال “مصطفى بن أبولعيد ” قائد المنطقة “أوراس” قام أحد المجاهدين ويدعى “عجول عجول”باصدار أمر بقتل نائب “مصطفى ويدعى “شيحاني بشير”..وأصبح “عجول هو القائد الفعلى للأوراس..وتمرد عليه عم شقيق “مصطفى”..وهنا بدأت الصراعات ووقتها تمكن مصطفى من الهروب من سجن الكدية بقسنطينة  فى 10 نوفمبر 1955 ومعه 10 من رفقائه منهم العقيد “الطاهر الزبيري”..وعندما عاد “مصطفى إلى الاوراس اكتشف العديد من الأخطاء التى ارتكبت فى غيابه وعلم مقتل نائبه بأمر من عجول ..وكانت عودة مصطفى بن بولعيد إلى مركز القيادة أمر صادم  ل” عجول عجول “وهو ما أدى إلى تنامى الصراع بين الرجلين.

ووفقا لرواية الرائد سعيداني التى رواها فى مذكراته ان عجول  أمر على  الألماني بتفخيخ جهاز إشارة للتخلص من أحد الخونة، ثم قدم الجهاز المفخخ إلى أحد المجاهدين وطلب منه أن يقدمه لمصطفى بن بولعيد على أساس أنه عثر عليه في الخارج، وعندما أراد ذلك المجاهد تنفيذ ما أمر به، كان عجول مع بن بولعيد في إحدى الكأزمات ولما دخل عليهم خرج عجول وترك بن بولعيد مع المجاهد الذي سلمه الجهاز، وبمجرد أن شغله بن بولعيد حتى انفجرت.

باستشهاد مصطفى بن أبو لعيد اهتزت منطقة الاوراس وفقدت توازنها ولم يتمكن عجول من السيطرة على زمام الامور ..ورغم صرامته إلا لم يستطع من جمع المنطقة تحت سيطرته وحمله البعض مسئولية مقتل “مصطفى “وحاولوا اغتياله إلا أنه نجا وسلم نفسه للجيش الفرنسى رغم شجاعته التى تحسب له فى محاربة الاستعمار!

 

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى