إيران تؤكد ردها على اغتيال هنية دون عرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
تقرير: علي الجابري
في خطوة أثارت توتراً جديداً في المنطقة، أكدت إيران يوم الجمعة أن ردها على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الشهيد إسماعيل هنية في طهران سيتم بطريقة “دون الإضرار بوقف إطلاق النار المحتمل” في غزة.
وجاء هذا التصريح من بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، حيث شددت على أن “الرد غير مرتبط بمفاوضات وقف إطلاق النار المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل”.
وفي بيانها، أكدت إيران أن أولويتها الحالية هي “إرساء وقف إطلاق نار دائم في غزة”، مشيرة إلى أن أي اتفاق يقبله الجانب الفلسطيني، لا سيما حماس، سيحظى بموافقة ودعم إيران. ورغم ذلك، شددت على أن لديها الحق المشروع في الرد على ما وصفته بـ”العمل الإرهابي” الذي استهدف هنية على أراضيها.
أكدت البعثة الإيرانية أن النظام الإسرائيلي انتهك أمن وسيادة إيران من خلال هذا الهجوم، وأن طهران لن تتوانى في الدفاع عن نفسها. ورغم ذلك، أوضحت أن الرد سيكون محسوباً ومداراً بطريقة لا تعرقل الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غزة، في إشارة إلى الحرص على تفادي تصعيد الصراع في وقت حساس للغاية.
رد إيراني مرتقب ومفاوضات وقف إطلاق النار
أوضحت إيران في بيانها أن “النظام الإسرائيلي انتهك أمننا القومي وسيادتنا من خلال عمله الإرهابي الأخير”، مشددة على أن لديها الحق المشروع في الدفاع عن نفسها. وأكدت طهران أنها لن تتردد في الرد على هذا الانتهاك الصارخ، معتبرة أن ما حدث يمثل تهديداً مباشراً لأمنها القومي. ومع ذلك، أوضحت إيران أن الرد سيكون “محدد التوقيت ومداراً بطريقة لا تضر بوقف إطلاق النار المحتمل” في غزة، في إشارة إلى حرصها على عدم تعريض الجهود الدبلوماسية الحالية للخطر.
من جهتها، لم تؤكد إسرائيل أو تنفِ تورطها في الهجوم الذي أودى بحياة إسماعيل هنية في طهران.
ورغم ذلك، صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذير شديد اللهجة، أشار فيه إلى أن “ثمنًا باهظًا” سيدفعه من يهاجم إسرائيل، مؤكداً على جاهزية إسرائيل للرد على أي تهديدات تمس أمنها. هذا التحذير يأتي في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، ما يزيد من احتمالية تفاقم الأوضاع في المنطقة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه القوى الإقليمية والدولية لتهدئة الأوضاع وتحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة، يبقى الموقف الإيراني والإسرائيلي محط أنظار المجتمع الدولي، وسط مخاوف من أن يؤدي أي تصعيد إضافي إلى تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة بشكل أكبر.
تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل
تعهدت إيران بتوجيه “ضربة مؤلمة” لإسرائيل، تنفيذًا لأوامر أصدرها المرشد الأعلى علي خامنئي، مؤكدة عزمها على الرد بقوة على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران.
أوضح رئيس البرلمان الإيراني أن “الثأر لهنية الذي استشهد على أرضنا هو واجب ديني ووطني”، ما يعكس التزام القيادة الإيرانية بتوجيه رد قاسٍ على هذا الهجوم.
وفي السياق ذاته، أكد القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أن طهران سترد “بشكل قانوني وحاسم” على الاغتيال، معتبرًا أن الرد الإيراني سيكون مكلفًا لإسرائيل. وشدد باقري على أن إيران لن تتهاون في الدفاع عن سيادتها وأمنها القومي، مع الإشارة إلى أن الرد المتوقع سيأتي في إطار يحفظ مصالح إيران ويعزز موقفها الإقليمي.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط توترًا متزايدًا، حيث تتصاعد حدة التهديدات بين إيران وإسرائيل، مما يزيد من احتمالية اندلاع مواجهة مباشرة بين الطرفين. ومع تعهدات إيران بالثأر، يبقى المشهد الإقليمي مرهونًا بالخطوات القادمة، سواء من الجانب الإيراني أو الإسرائيلي، وسط مراقبة دولية مكثفة.
ردود فعل دولية وتوترات إقليمية
في الوقت الذي تواصل فيه إيران تحضيراتها للرد على اغتيال إسماعيل هنية، تكثف إسرائيل والولايات المتحدة استعداداتهما العسكرية لمواجهة الهجوم الإيراني المتوقع. هذه التحركات تأتي ضمن استراتيجية لاحتواء أي تصعيد محتمل، وسط تصاعد التوترات في المنطقة وتبادل التهديدات بين الطرفين.
على الجانب الآخر، شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا في الهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل، حيث أعلن حزب الله استعداده للثأر لمقتل قياديه البارز فؤاد شكر. الهجمات الصاروخية التي شنتها الجماعة اللبنانية على شمال إسرائيل تشير إلى نية تصعيدية، ما يزيد من حدة المواجهة بين الطرفين ويعزز المخاوف من اندلاع حرب شاملة.
تتزامن هذه التطورات مع احتدام التوترات في المنطقة بشكل عام، مما ينذر بتوسيع دائرة الصراع. فمع تزايد الاستعدادات العسكرية على عدة جبهات، يبدو أن المنطقة تقف على حافة مواجهة واسعة النطاق قد تمتد تداعياتها إلى خارج الحدود الإقليمية.
القدرات العسكرية في ميزان الصراع
تتسبب في إرباك منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية مثل “القبة الحديدية”، خاصة في حالة إطلاقها بأعداد كبيرة في وقت واحد.
تشير تقارير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إلى أن هذه التحديات تمثل نقطة ضعف في الدفاعات الإسرائيلية، حيث ستكون القدرة على التصدي لكل الصواريخ والقذائف المحددة أمرًا بالغ الصعوبة، مما قد يؤدي إلى ضرب أهداف حيوية داخل إسرائيل. في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى استراتيجيات دفاعية متقدمة لحماية المنشآت المدنية والعسكرية على حد سواء.
وفي هذا السياق، يظل التفوق الإسرائيلي في ميزانية الدفاع والطيران العسكري عنصرًا رئيسيًا، ولكن تتفوق عليها إيران في الصراع المحتمل بما تملكه من منظومة صاروخية وطائرات مسيرة، إضافة إلى دعمها لمحور المقاومة الذي يمكنه شن هجمات صاروخية مكثفة ومتعددة الجبهات على الكيان المحتل.
المنطقة على صفيح ساخن
مع استمرار التوترات وتصاعد المخاوف من اندلاع صراع واسع النطاق في الشرق الأوسط، تبقى الأنظار متجهة نحو التطورات القادمة في غزة وعمليات وقف إطلاق النار المحتملة. بينما تسعى الأطراف المختلفة للوصول إلى هدنة دائمة، فإن كيفية رد إيران على اغتيال إسماعيل هنية تظل محور الاهتمام الدولي، خصوصًا في ظل تأكيدها على تنفيذ “ضربة مؤلمة” لإسرائيل.
هذا التصعيد يأتي في إطار معقد يتطلب استراتيجيات دقيقة من جميع الأطراف لتجنب كارثة جديدة في المنطقة. فالتوازن بين الرد على الأعمال العدائية والحفاظ على الاستقرار النسبي في غزة يشكل تحديًا كبيرًا، خاصة مع تزايد الضغوط على اللاعبين الإقليميين والدوليين للتدخل وتخفيف حدة التوتر.
في هذا السياق، ستكون التطورات المقبلة حاسمة في تحديد مسار الأحداث، سواء باتجاه تصعيد أكبر أو نحو تهدئة محتملة، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المتزايدة التي تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي