إيران بعد اغتيال هنية.. بين التهديد العسكري والحسابات السياسية
تقرير: علي الجابري
يشهد العالم حالة من الترقب والقلق بشأن التهديد الإيراني بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران.
وفي وقت تتباين فيه التوقعات حول مدى جدية إيران في تنفيذ تهديدها، يبقى السؤال المحوري: هل ستكتفي طهران بالخطابات الرنانة كعادتها، أم ستتخذ خطوات فعلية قد تشعل فتيل حرب إقليمية قد تعيد رسم خارطة القوى في الشرق الأوسط؟ في هذه الأجواء المشحونة، تزداد الرهانات والتحليلات حول ما ستفعله إيران، ما يعكس حجم القلق العالمي من احتمالية اندلاع مواجهة كبرى قد تغير ملامح المنطقة بأسرها.
رهانات متباينة في العالم العربي والإسلامي
تتباين الآراء في العالم العربي والإسلامي بشأن رد الفعل المتوقع من إيران. فمن جهة، هناك فئة تتمنى أن تتجنب إيران الرد، وذلك لتأكيد نظرياتهم حول وجود تحالف ضمني بين إيران وإسرائيل. هذه الفئة ترى في تراجع إيران عن الرد فرصة لتثبيت مزاعمها بأن طهران وتل أبيب تعملان سويًا على إحباط محاولات النهوض في العالم العربي، مما يتيح لها التنصل من أي التزام تجاه الفلسطينيين.
على النقيض، هناك فئة أخرى تؤمن بأن الرد الإيراني لا مفر منه، مستندة إما إلى اعتبارات مذهبية أو إلى دعم مبدأ المقاومة بغض النظر عن الأهداف النهائية. هذه الفئة تعتقد أن عدم رد إيران سيضعف من هيبتها وقدرتها على ردع أعدائها، ما قد يشجع إسرائيل على تنفيذ المزيد من الاغتيالات والاعتداءات دون خشية من العواقب.
مخاوف من تصعيد إقليمي
في المقابل، يخشى الفريق الأول من أن الرد الإيراني قد يشعل حربًا إقليمية قد تغير موازين القوى في المنطقة وتفرض معادلات جديدة. ويرى أصحاب هذه النظرية أن أي تراجع إيراني سيعزز من جرأة إسرائيل على القيام بمزيد من العمليات العسكرية دون رادع، ما سيعرض المنطقة لمزيد من الهيمنة والإذلال من قبل القوى الكبرى.
إلى جانب ذلك، يمثل النقاش حول استخدام السلاح النووي من قبل إيران أو إسرائيل أحد أخطر التحديات المستقبلية التي تواجه المنطقة. ففي ظل الفشل في تطوير قدرة ردع نووية عربية، تظل المنطقة عرضة لابتزازات القوى الكبرى وزيادة احتمالات الخضوع لمزيد من الضغوط.
تأجيل الرد الإيراني بسبب مفاوضات غزة
تزامنًا مع هذه المخاوف، يبدو أن المفاوضات الجارية حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة قد أجلت الرد الإيراني المحتمل. فقد كشفت بعض التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية أن طهران وحزب الله خفضا مستوى التأهب في وحدات الصواريخ والقذائف الخاصة بهما، مما يشير إلى احتمال إرجاء الرد الإيراني لإعطاء فرصة لمحادثات وقف النار في غزة.
وقد أكد مسؤولون إسرائيليون أن إيران أجلت ردها على إسرائيل انتقامًا لاغتيال هنية، في انتظار تطورات محادثات غزة. وفيما ألمحت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إلى احتمال تأجيل الرد، حذرت الولايات المتحدة إيران من أن عواقب أي هجوم صاروخي على إسرائيل قد تكون “كارثية للغاية، وخاصة بالنسبة لإيران”.
تساؤلات حول مآلات التصعيد
في ظل هذه التطورات، يظل السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت إيران ستلتزم بتهديداتها وتقوم بالرد على اغتيال إسماعيل هنية، أم أنها ستكتفي بخطابات التهديد دون تنفيذ عملي. وبينما ينتظر العالم تطورات الأحداث، تبقى المخاوف قائمة من أن أي تصعيد قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة، ما يهدد باستمرار حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي