أخبارحول الخليجعاجل

من جدة إلى جنيف.. واشنطن تهمش الدور السعودي وتدفع نحو تعزيز دور قوات الدعم السريع في السودان

 

تقرير: علي الجابري

في تطور مثير للأحداث حول الأزمة السودانية، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تهميش الدور السعودي في مفاوضات السلام التي كانت تُجرى في جدة بعد انتقالها إلى مدينة جنيف السويسرية.
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حول نوايا واشنطن وأهدافها الاستراتيجية في السودان، وكذلك حول مصير الدور السعودي الذي كان محوريًا في بداية المحادثات.

تهميش السعودية وانتقال المحادثات إلى جنيف

كانت السعودية قد استضافت في وقت سابق الجولة الأولى من المحادثات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في مدينة جدة، وهي المحادثات التي كانت تهدف إلى وقف النزاع المسلح وتقديم منصة للحوار السلمي.
ومع ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة قد اتخذت خطوات لتقليص دور السعودية، بنقل المحادثات إلى جنيف، وتصريحات أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي حول عدم قدرة المملكة على تحقيق نتائج عبر المباحثات، وهو ما يعتبره البعض محاولة لتهميش الدور السعودي وتغيير ديناميات العملية التفاوضية.
وفي هذا السياق، تسعى الولايات المتحدة إلى دفع الجيش السوداني للمشاركة في مفاوضات جنيف التي تمتد لعدة أيام تحت سقف مفتوح. يتضمن هذا الدفع ممارسة ضغوط مكثفة على القيادة العسكرية لإرسال وفدها إلى جنيف، وهو ما قوبل برفض من رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان. البرهان يعترض على الاشتراطات الأمريكية التي تطالب بتمثيل الجيش فقط في المفاوضات، دون إشراك مجلس السيادة، مما يعد تجاهلًا لاعتراف المجتمع الدولي بالمجلس كسلطة تنفيذية للسودان.

تهميش القيادة السودانية

تجسد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي عدم الاعتراف بمؤسسة الرئاسة السودانية، حيث أصر على مخاطبة البرهان بلقب “الجنرال” بدلاً من اعتباره رئيسًا لمجلس السيادة.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن

هذا التصرف يعكس عدم تقدير واشنطن للسلطة التنفيذية السودانية، ويشير إلى محاولات لتقليص تأثير البرهان وتدعيم موقف محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، كطرف رئيسي في السلطة بعد انتهاء مفاوضات جنيف.

الهدف الأمريكي

يعتبر المراقبون أن الهدف من نقل المفاوضات إلى جنيف هو تمهيد الطريق لتثبيت محمد حمدان دقلو كطرف رئيسي في السلطة، ما قد يعني إضعاف دور الفريق البرهان. ويبدو أن هذا التحول قد يكون جزءًا من خطة أمريكية تهدف إلى تغيير موازين القوى في السودان، عبر إدماج دقلو في السلطة إلى جانب البرهان، مما يعكس عدم ثقة واشنطن في نظام البرهان والتخطيط للسيطرة على السودان عبر دعم سريع.

انتقادات سودانية

في تصريحات مفاجئة، أعرب جبريل إبراهيم، وزير المالية السوداني، عن وجهة نظر سلبية تجاه الدور السعودي في مفاوضات السلام في جدة. وفقًا لإبراهيم، فقد أبلغ المبعوث الأمريكي الحكومة السودانية بأن السعوديين يقومون بتضليلها، وأشار إلى أن منصة جدة ليست قادرة على تحقيق السلام. كما انتقد إبراهيم إصرار الأمريكيين على أن تتحمل السعودية تكاليف استضافة الوفود بينما يقودون المفاوضات من سويسرا. وأكد أن السعودية ليست مسؤولة عن إدارة العملية التفاوضية ولا ترغب في وسطاء جدد، كما أن المبعوث الأمريكي لديه وجهة نظر سلبية تجاه قوات الدعم السريع ولا يرى لهم مستقبلاً سياسيًا أو عسكريًا بعد انتهاء الحرب.

دور السعودية في جهود السلام والتساؤلات حول استراتيجيات المفاوضات

استضافت السعودية الجولة الأولى من المحادثات في جدة في محاولة لوقف النزاع المسلح بين الأطراف السودانية وتقديم منصة للحوار السلمي. وقد عملت السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة على تحفيز الأطراف المتنازعة لاستشعار مسؤولياتها والانخراط الجاد في المحادثات. رحبت السعودية والولايات المتحدة بجهود الدول والمنظمات الداعمة للمفاوضات، بما في ذلك الآلية الرباعية (السعودية، أمريكا، بريطانيا، والإمارات) والآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، ومنظمة إيقاد)، بالإضافة إلى الجامعة العربية.

استنتاجات

تثير التحركات الأمريكية الأخيرة حول مفاوضات السلام السودانية تساؤلات حول نوايا واشنطن وأهدافها الاستراتيجية، بينما كانت السعودية تلعب دورًا محوريًا في بدء المحادثات، يبدو أن نقل المفاوضات إلى جنيف قد يكون جزءًا من خطة أوسع لتغيير ديناميات العملية السياسية في السودان. من المهم أن تظل الجهود الدولية منسقة لضمان تحقيق حل سياسي شامل ومستدام، وأن يتم إدماج جميع الأطراف السودانية في العملية التفاوضية.

 

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى