المحامية أمينة الرحال.. رائدة العمل السياسي والتطوعي بالعراق وأول امرأة تحصل على إجازة القيادة
كتبت: نجوى إبراهيم
المحامية العراقية “أمينة الرحال” .. استطاعت أن تحصل على لقب “السائقة المثالية” وهى فى السابعة عشر من عمرها لأنها تعتبر أول امرأة فى العراق قادت سيارتها الخاصة الانجليزية الصنع من نوع بيبى فورد فى شوارع وطرقات بغداد وذلك بعد حصولها على إجازة القيادةوكان ذلك فى عام 1936 . ..كانت هذه الخطوة بمثابة رسالة للمرأة العراقية، تدفعها للنضال من أجل حقوقها الخاصة والعامة وعلى الرغم من أن الإجازة تعتبر من أبسط حقوق أي مواطن، إلا أنها سجلت من خلالها خطوة عملية كبيرة، للسير في طريق إلاقرار بحقوق المرأة العراقية.
قيادة السيارة
تعليقا على كونها أول امرأة قادت سيارة فى العراق قالت “أمينة الرحال “في حوار صحفى أجراه معها “علي ناصر الكناني”: ما أن تجاوزت الثامنة عشرة من عمري وبعد ممارسة جيدة ومستمرة بالسياقة قدمت طلبا إلى مديرية المرور لمنحي إجازة سواق خصوصي، وفعلا تم ذلك بعد اجتيازي للاختبار الخاص بذلك وهو أن يجلس إلى جوار أحد رجال المرور أثناء السياقة لتحديد مستوى كفاءة السائق. ورغم إنها تجربة جديدة بالنسبة لي ولكن تشجيع الأهل والأصدقاء بدد مخاوفي ما ساهم في اجتيازي الاختبار بنجاح منذ المرة الأولى وكان ذلك عام 1936.
رغم وجود بعض النساء الأجنبيات اللائي كن يمارسن السياقة بشكل اعتيادي إلا أني كنت عندما أمر بسيارتي في أحد الشوارع ويعرفون إنني عراقية كان بعضهم يصاب بالدهشة والاستغراب!! وخصوصا الأطفال الذين كانوا يصفقون لي في مداعبة طريفة لا تخلو من شغب طفولي بريء.. وبعضهم كان يمتعض غضبا لا يخلو من الشتائم لكوني امرأة سافرة ولا أرتدي العباءة. ومن الطريف أني عندما كنت أتجول بسيارتي في شوارع بغداد كان بعض رجال الشرطة والمرور يؤدون لي التحية اعتقادا منهم أني موظفة أجنبية بمنصب كبير في السلك الدبلوماسي فكنت اضحك في سري.
وتواصل: “من المواقف التي حصلت معي آنذاك أنني استبدلت، خلال تلك الفترة سيارتي بسيارة أخرى وهي انجليزية الصنع وكان يجلس إلى جواري شقيقي وخلال مرورنا في الشارع المجاور لبناية القشلة حيث كانت تمر به عربات تجرها الخيول، فإذا بي أفاجأ بظهور العربة حيث لم أتمكن حينها من إيقاف السيارة ما أدى الى اصطدامي بالحصان وإصابته بجروح بليغة ولكني تحملت تعويض وتصليح العربة ماديا”.
وتؤكد: ” مضى علي أكثر من خمسين سنة لحصولي على الإجازة وحتى الآن لم ارتكب أية مخالفة مرورية!! لا تستغرب عندما أقول إنني لا أعرف مقدار الغرامة المرورية آنذاك لأنني لم أدفع أية غرامة في حياتي، ولو أني أذكر شيئا أنه لم تكن هناك إشارات ضوئية في شوارع بغداد ما عدا واحدة عند تقاطع الجسر الحديدي نتوقف عندها عندما يمر القطار. بالإضافة إلى قلة السيارات في الشوارع لأن وسائط النقل كانت لا تتعدى عربات تجرها الخيول والكاري”.
وحصلت أمينة الرحال على تكريم من مديرية المرور العامة قبل سنوات من رحيلها وذلك لسياقتها سيارتها لأكثر من نصف قرن دون أن ترتكب أية مخالفة.
العمل السياسي
نشطت “أمينة الرحال ” في العمل السياسي ضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي حتى صارت أول امرأة عضو لجنة مركزية في الحزب من عام 1941 إلى عام 1943
انضمامها للعمل السياسى ومشاركتها فى الحركة الوطنية وخاصة ضمن نشاطات الشيوعيين العراقيين من خلال وثباتهم وإنتفاضاتهم ضد النظام الملكي ورموزه لم يأت من فراغ فهى الأخت الصغرى للماركسي المعروف “حسين الرحال” المولود عام 1901 والذي كان من منظمي أولى الحلقات الماركسية في العراق.
سطع نجم أخيها “حسين الرحال ” حينما بدأ العراق يلملم أطرافة، بعد إنهاك دام قرون حيث نهض في الربع الأول من القرن العشرين شباب طامح لمستقبل أفضل,و يقف بين أبرزهم “حسين الرحال ” فأجمع كل المهتمين والدارسين لتلك الفترة ,فكان شعلة في النضال الفكري والعملي , يكافح من أجل عراق متحرر وعادل إجتماعياً..و كان من أوائل منظمي الحلقات الماركسية في العراق. ..أسهمت أفكاره وممارساته في تعزيز الوعي الإجتماعي بين الكادحين والمثقفين الحقيقين. وكانت أمينة من الذين تأثروا بأفكار أخيها حيث أسهمت أفكاره النيرة في توجهها الماركسي لذلك إنغمرت في العمل السياسي منذ نعومة أظفارها حيث كانت طالبة فى دار المعلمات , ولم يقل دورها النضالي وتأثيرها الإجتماعي الإيجابي شأناً عن دور أخيها.
كما إنها إبنة عم النحات العراقي المعروف “خالد الرحال”..أما زوجها فهو الكاتب والصحفي والتربوي المعروف عوني بكر صدقي الذى ساهم بنشاط في إعداد المناهج الدراسية للمدارس العراقية. ومن مؤلفاته: الكشاف العراقي، عيون التاريخ، جغرافية بلاد العرب، مباديء دروس الجغرافية، الواجبات الأخلاقية والوطنية وجغرافية العراق وغيرها.
وبجانب عملها السياسي اهتمت بالعمل الجماهيري والديمقراطي حيث إنه لما تأسست جمعية المرأة العراقية المناهضة للفاشية والنازية عام 1945 أنتخبت أمينة الرحال عضواً في هيئتها الإدارية وإستمرت في هذا العمل بالرغم من توقفها عن مزاولة العمل السياسي الحزبي وإشتركت في المؤتمر العربي النسائي في القاهرة عام 1954.
وصفت “أمينة الرحال ” بالرائدة في ترسيخ قيم العمل التطوعي في العراق. إدراكاً منها بأن العمل التطوعي العام ينمي شخصية المتطوع، ويعزز ويوسع دائرة وتأثير القيم الإجتماعية الراقية بين المواطنين.
وفاتها
رحلت المناضلة والمحامية “أمينة الرحال” عن عالمنا بعد مسيرة خالدة من النضال الصادق والتضحيات فى 15 فبراير عام 2002 عن عمر يناهز 83 عاما، مسيرتها أضاءت الطريق للمرأة العراقية لنيل بعض حقوقها، كافحت “الرحال” لمواجهة التقاليد الاجتماعية الفاسدة وتحدت الجهل والتخلف.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي