إبداعات عربيةعاجل

كتاب الإسكندرية القديمة.. موسوعة تصور للأطفال تاريخ عروس البحر المتوسط وأهم معالمها

 

أحمد عبد الحافظ

صدرت النسخة العربية من الكتاب الموسوعي”الاسكندرية القديمة” عن مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط التابع لقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية بمثابة موجز مصور لجوانب الحياة المختلفة في الإسكندرية خلال 600 عام قبل الميلاد. ويقدم الكتاب للأطفال والناشئة وقامت بترجمته الباحثة المصرية غادة البهي، صورة مبسطة عن الحقبة الكلاسيكية التي عاشتها عروس البحر المتوسط، خلال العصرين البطلمي والروماني.
ركزت مؤلفة الكتاب الباحثة الدكتورة كارول اسكوفي، والتي تعمل أستاذًا للغة الفرنسية بكلية التربية جامعة الإسكندرية، وكبيرًا للمراجعين بمركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط، على تفاصيل الحياة الاقتصادية والدينية والاجتماعية والفنية التي كانت تزخر بها المدينة خلال العصرين البطلمي والروماني، وذلك من خلال عدد من النصوص القصيرة والرسوم التوضيحية الملونة، التي غطت العديد من جوانب الحياة اليومية والدينية والثقافية في الإسكندرية القديمة، بما في ذلك شكل المدينة بأهم معالمها.
تفاصيل الحياة اليومية وثبت بأسماء أهم الشخصيات
وتضمن الكتاب، الذي جاء الإصدار الأول منه باللغة الإنجليزية عام 2012، ثمانية فصول غطت جوانب الحياة اليومية والألعاب والمهرجانات والتجارة والصناعة والغذاء والزراعة والطوائف والدين والتوحيد والحكم الروماني، وفي ختام الكتاب، وضعت المؤلفة ثبتا وتعريفا بالأسماء التي تعرضت لها ووردت ضمن التفاصيل، ومنهم أرسطو وهوميروس وهيباتيا والمؤرخ اليوناني أريان، ومانيتو المؤرخ والكاهن المصري الذي قام بتجميع قائمة بجميع ملوك مصر القديمة لا يزال المؤرخون يستخدمونها حتى اليوم، وكذلك العالم والمخترع اليوناني أرخميدس الذي قضى عدة سنوات في الإسكندرية، وله اسهامات هامة في مجال الزراعة ما زالت تستخدم حتى الآن في الري، وأريستارخوس ساموس عالم الفلك اليوناني الذي طور نظرية مركزية الشمس للكون، وهناك أيضا الشاعر والباحث كاليماخوس الذي عمل في مكتبة الإسكندرية وأنشأ فهرسًا لجميع المخطوطات في المكتبة، تكون من 120 مجلدا. يعتبر أول كتالوج للمكتبة، وأبو حامد الأندلسي الرحالة العربي الذي زار الاسكندرية في العصور الوسطى عام 1117. ولم تغفل المؤلفة الملوك وزوجاتهم ورجال الدولة، ويأتي من بينهم كركلا الإمبراطور الروماني الذي اشتهر بقسوته وأمر بمذبحة في الإسكندرية عام 215 ميلادية، وقيصريون الابن الذي أنجبته الملكة كليوباترا يوليوس قيصر. وتم إعدامه بأمر من أوكتافيان بعد هزيمته ومارك أنتوني وكليوباترا في معركة أكتيوم عام 31 قبل الميلاد، وكليوباترا السابعة آخر حكام سلالة البطالمة قبل أن يبدأ الرومان في حكم مصر، وداريوس الثالث إمبراطور بلاد فارس والذي هزمه الإسكندر الأكبر والجيش الفارسي في معركة أسوس عام 333 قبل الميلاد. وأرسينوي زوجة وأخت الملك بطليموس الثاني، وأريستياس هو أحد رجال الدولة عند الملك بطليموس فيلادلفيوس، ولهذا القائد رسالة هامة بعث بها لأخيه فيلوكراتيس حوالي عام 250 قبل الميلاد، وصف فيها الظروف التي أدت إلى ظهور أول ترجمة يونانية للعهد القديم في الإسكندرية، وتُعرف بالسبعينية، وبرنيس زوجة بطليموس الثالث، وقد اشتهرت بقصة تقديمها خصلة من شعرها للإلهة أفروديت من أجل أن يعود زوجها آمنا من الحرب.

آلهة مصرية ويونانية وبطلمية

تعرضت المؤلفة للعبادات والألهة خلال العصرين اليوناني والبطلمي، حيث استمرت عبادة الحاكم التي كانت تتميز بها الممارسات المصرية القديمة في زمن البطالمة أيضا، فعندما سقطت الإسكندرية تحت الحكم الروماني عام 30 قبل الميلاد، تجاورت عبادة الإمبراطور الروماني مع الممارسات الدينية الأخرى، وعلى الرغم من أن الإسكندرية كانت مدينة يونانية، إلا أن الآلهة المصرية استمرت في الوجود، وكان إيزيس الإله والإله أوزوريس وابنهما حورس هم الأكثر عبادة، وقد شكلوا معًا ثالوثًا، وقد شاعت عبادة إيزيس جدًا، وانتشرت في بلدان متوسطية أخرى، كما أصبح من المعتاد بالنسبة لملكات “بطلمية الإسكندرية” تصويرهن على أنهن الإلهة إيزيس، وقد كان الآلهة الإغريق يعبدون أيضا على الرغم من أن المصريين كانوا لا يزالون يعبدون آلهتهم، وهو ما أتاح وجود خليط من المعتقدات والممارسات.

الإسكندرية مقاطعة رومانية

وفي زمن الحكم الروماني صارت الاسكندرية مقاطعة رومانية في 30 قبل الميلاد، لم يعد يحكمها ملك، كان هذا هو نظام الحكم الجديد الذي خضعت له و استمر حوالي ثلاثمائة سنوات، العديد من البلاد الموارد مثل القمح وتم إرسال ورق البردي إلى روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية حيث واصلت الإسكندرية ازدهارها تحت الحكم الروماني، ووصل عدد سكانها لحوالي مليون نسمة.

جيش روماني لإحكام السيطرة على مصر

أشارت الموسوعة المصورة إلى أن الأمبراطورية الرومانية احتفظت بجيش كبير في مصر لإحكام السيطرة عليها، وقامت بنشر الجحافل والحاميات الرومانية في أجزاء مختلفة، وكان من أهمها الاسكندرية التي تمركز فيها فيلق دائم في منطقة تسمى نيقوبولس شرق الإسكندرية، وقد تصرف الضباط والجنود كقوة شرطة، وجاءوا من أجزاء مختلفة من الإمبراطورية الرومانية مثل إيطاليا وبلاد الغال “فرنسا الحالية”.

نظام ضريبي صارم

تحدثت الموسوعة عن النظام الضريبي الصارم الذي طبقه الرومان في مصر، واستعانت المؤلفة بالعديد من البرديات التي كشفت أهمية الضرائب في مصر الرومانية، وقالت كان هناك العديد من أنواعها مثل ضريبة الأرض والضرائب على الممتلكات والحيوانات والسلع مثل الملح والزيت. وكان الرومان يجبرون الناس على العمل كجامعي الضرائب، ورغم ذلك حاول الكثيرون تجنب دفع الضرائب، خاصة عندما يكون الحصاد فقيرًا، ويقال أن الرومان كانوا يرسلون ربع حصيلتها إلى روما، وربع آخر لدفع مرتبات الجيش، كان الباقي يذهب للإنفاق على صيانة الأرض الزراعية وبناء وإصلاح وبناء السدود والقنوات ودفع رواتب مسؤولي الحكومة.

موسيقى

لفتت المؤلفة إلى وسائل الترفيه العامة التي كانت منتشرة في الاسكندرية، ومنها الألعاب الموسيقية، والمسابقات التي تضمنت الغناء والعزف على آلات مثل الفلوت والقيثارة، و العازفون والمغنون يقيمون حفلاتهم غالبا في مواقع مسرحية، وهناك مسرح صغير يسمى قصيدة اكتشفه علماء الآثار في كوم الدكة بالإسكندرية تم بناؤه في العصر الروماني، كما كان يمكن للناس الذهاب لمشاهدة المسرحيات خلال المهرجانات التي تقام خصيصا لها، وكانت غالبا ما تمنح الجوائز للممثلين.

التجارة والصناعة

تحدثت الموسوعة أيضا عن أهمية موقع الإسكندرية ومينائها للتجارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأفردت قسما للحرف والصناعات وبناء السفن مزدهرة ، والتعدين والخدمات المصرفية وورق بردي وسك العملة والغذاء والزراعة والري وملكية الارض وتطور نظامها.
يذكر أن مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط يهتم بالبحث عن تراث الإسكندرية والبحر المتوسط المادي والمعنوي ويعمل على توثيقه بهدف دعم الحوار والتبادل في المنطقة. ويسعى إلى الحفاظ على التطورات القديمة لمدينة الإسكندرية، ودعم التنمية المستقبلية عن طريق إجراء الأبحاث وإقامة المؤتمرات والمعارض.

 

 

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى