شخصيات عربيةعاجل

الحكيم جورج حبش.. مناضل من طراز فريد.. رفض مبدأ التفاوض ورفع شعار : “فلنكن وراء العدو ونلاحقه”

 

كتبت: نجوى إبراهيم

إن الصهيونية لن تجلو عن شبر واحد إلا نتيجة نضال سياسي عسكري يرغمها إرغاما على هذا الجلاء.. إن البندقية، السلاح، حرب التحرير الشعبية، القتال هو الطريق الأساسي الأول القادر على إرغام الإمبريالية وطرد الوجود الصهيوني من وطننا.. لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يكون إنهاء عدوان 1967 بتثبيت عدوان 1948″..هذه كلمات “جورج حبش الحكيم فى خطاب له عام 1974 .. الذى رفض التفاوض مع اسرائيل ..وكان شعاره الذى لا يزال باقيا ولن يزول ” فلنكن وراء العدو ونلاحقه بتعزيز كل اشكال المقاطعة ولنكن وراء العدو في ميادين الكفاح الدولي عبر تعزيز علاقاتنا بالحركات الثورية العالمية وبكل قوى الحريه والديمقراطيه والتقدم و العداله والسلام.
رغم رفضه لمبدأ التفاوض مع أسرائيل لكن بعد شد وجذب وافق فى أكتوبر عام 1974 فى مؤتمر المجلس الوطنى الفلسطينى الذى عقد فى الجزائرعلى مقترح “قيام سلطة وطنية على كل جزء يُحَرَّر.. مع مواصلة النضال انطلاقا منه”..ولكن بعد مرور شهرين أعلن حبش انسحاب الجبهة الشعبية من لجنة منظمة التحرير التنفيذية ومجلسها المركزي بسبب ما رأه انحرافا من جانب قيادة منظمة التحرير نحو المشاركة في الحل التفاوضي حيث تخوف حبش من تحول الحل “المؤقت” إلى حل دائم.
لعب “حبش”دورا هاما فى جبهة الرفض وهى التحالف الذى شكلته الجبهة الشعبية مع منظمات الجبهة الشعبية القيادة العامة وجبهة النضال الشعبى والصاعقة الرافضيين للتفاوض مع اسرائيل ..وتقارب حبش مع قيادة منظمة التحرير والدول العربية التى اتخذت موقفا نقديا من خطوة الرئيس المصرى “أنور السادات “بعد زيارته إلى القدس ووافق على حل جبهة الرفض وتم تشكيل جبهة جديدة هى جبهة الصمود والتصدى..التى شاركت فيها فصائل جبهة الرفض وفتح والجبهة الديمقراطية مع قادة سوريا ولبنان والجزائر واليمن الديمقراطى ..وخلال اجتماع طرابلس لعب حبش دورا مهما في إنهاء حالة التجاذب بين المشاركين وخرج الاجتماع ببرنامج يرفض الاعتراف باسرائيل ومقاطعة نظام السادات الذى عقد معاهدة السلام مع اسرائيل.
فى عام 1980 تعرض حبش إلى نزيف دماغي حاد تغلّب عليه بصلابة إرادته.. كما تعرض فى عام 1972 لنوية قلبية حادة وخلال هذه الأعوام تعرض للعديد من محاولات الاغتيال على يد جهاز الموساد الاسرائيلى إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل فى حين نجحت المخابرات الاسرائيلية اغتيال الناطق الرسمي باسم “الجبهة الشعبية الكاتب والمناضل “غسان كنفانى “واغتيال رفيقه المناضل وديع حداد عن طريق التسميم الكيميائي في 1978، وكان لهذين الحدثين وقع الصاعقة على “الحكيم”.

الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982

بعد توقيع مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979..تصاعدت الأعمال الفدائية فى جنوب لبنان ضد اسرائيل ولذلك قررت اسرائيل اجتياح لبنان عام 1982 وحصار بيروت،غزو لبنان كانت حرب عصفت بلنان فتحولت إلى أراضيه إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا واسرائيل .. حيث بدأت الحرب عندما قررت اسرائيل شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية بعد محاولة اغتيال سفيرها إلى المملكة الكتحدة “شلومو أرجوف “حاصرت اسرائيل بيروت قرابة 90 يوما .. شاركت الجبهة الشعبية بقيادة حبش في الدفاع عن لبنان أمام الاجتياح الاسرائيلى , وكان حبش جزءاً من القيادة الفلسطينية التي أدارت مقاومة الحصار وظهر في عدة مؤتمرات صحفية، وواظب على التواجد على محاور القتال. اضطرّت الفصائل والقيادات الفلسطينية إلى الخروج من لبنان لتستقر قيادة الثورة الفلسطينية فى تونس رفض التوجه مع ياسر عرفات إلى تونس واستقر فى دمشق للبقاء بجوار فلسطين.

علاقته بياسر عرفات

رغم علاقة الاخوة التى ربطت بين المناضل “جورج حبش” والزعيم “ياسر عرفات “إلا إنه كان ينتقد سلطته الفردية ..ووصفه فى مذكراته “الثوريون لا يموتون أبدا” بانه كانت تربطه به علاقة أخوة وعداوة قائلا إنه “أنه اختصاصي في حياكة الألاعيب والدسائس, وأنه مستعد لفعل أي شىء لابعاد منافسيه، لكن عرفات لم يكن خائنا للقضية “.وفقا لما قاله حبش..
ومن مواقفه التاريخية مع “ياسر عرفات ..ذات يوم وفي قاعة اليونسكو في العاصمة اللبنانية بيروت ، وقف أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني وقال :والآن مع كلمة الثورة الفلسطينية ، مع كلمة الشعب الفلسطيني ، مع كلمة الثورات العربية المعاصرة وضمير الثورات ، يُلقيها الرفيق جورج حبش. في تلك اللحظة غضب بعض قادة فتح وهمسوا للزعيم عرفات وقالوا له : “إنها إهانة ما بعدها إهانة ، وكيف ستسمح لجورج حبش أن يُلقي كلمة الثورة الفلسطينية وأن تجلس وتسكت ، إنها إهانة لـ فتح ، واقترحوا عليه أن يُغادر القاعة .. ولكن عرفات همس لهم قائلاً : “لن أسجّل في تاريخي أنني خرجت من القاعة أثناء كلمة حكيم الثورة جورج حبش”. ورفض الخروج وحينما صعد جورج حبش على المسرح قال :إن كلمة الثورة الفلسطينية ، كلمة الشعب الفلسطيني ، كلمة الثورات العربية المُعاصرة وضمير الثورات .. لا يُلقيها إلا أخي ورفيق دربي القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات! وهنا وقفت كل القاعة وصفقت له على هذا الموقف الذي لا يُنسى .. فقفز أبو عمار إلى المسرح وعانق جورج حبش وظل الجمهور يُصفق و يهتف بصوت مُرتفع “تحيا الثورة الفلسطينية .. ووحدة وحدة وطنية”؟
وفى الثمانينيات لعب حبش دورا مهما في التيار الفلسطيني المعارض لتوجهات القيادة الفلسطينية نحو مفاوضات قائمة على حل الدولتين حيث وجه بعد زيارة عرفات للقاهرة في 1983 خطابا حادّا يتهم قيادة عرفات بالتفريط ويصفها باليمين المنحرف ويطالب بإصلاحات في منظمة التحرير.
وعند وفاة “ياسر عرفات رثاه “حبش ” بكلمات ومشاعر مؤثرة قائلا :”لقد رحل أبو عمار، وغاب عن ساحة النضال، غاب عن الدنيا وهو شاغلها.. غاب عن فلسطين التي أحبها واحبته ..فنحن اليوم نفتقد مناضلاً مثابراً، وقائداً وسياسياً ورمزاً ورئيساً للشعب الفلسطيني كرّس شبابه وعمره كله في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني، وفي خدمة قضايا وطنه وشعبه.. نفتقد قائداً كان حتى الأمس يشكل ركنا حياً من أركان الرواية الفلسطينية بطبعتها المعاصرة.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى