تفاصيل جديدة تكشف تورط 11 شخصًا مقربين من نتنياهو في فضيحة تسريب الوثائق
تواجه إسرائيل فضيحة جديدة ذات أبعاد أمنية وجنائية، تورط فيها 11 شخصًا من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
بدأت القضية يوم الجمعة الماضي عندما قرر القاضي مناحم مزراحي تمديد اعتقال المشتبه بهم، وأصدر أمرًا بمنع نشر تفاصيل القضية، مكتفيًا بنشر جزئي.و، استمرت المحكمة في المداولات السرية بناءً على طلب الشرطة، التي تؤكد أن النشر قد يؤثر على سير التحقيق.
تعود جذور الفضيحة إلى تقرير نشرته صحيفة «بيلد» الألمانية في 6 سبتمبر الماضي، والتي تربطها علاقات وثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي. ادعى التقرير وجود وثيقة سرية لحركة حماس تحدد استراتيجية التفاوض مع إسرائيل، منسوبة إلى مكتب الراحل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك، وتعود إلى بداية عام 2024.
وفقًا للوثيقة المزعومة، لا تسعى حماس إلى إنهاء سريع للصراع، بل تفضل تحسين شروط الاتفاق حتى لو طال أمد الحرب. ترتكز استراتيجية حماس على نقطتين أساسيتين: أولًا، مواصلة الضغط النفسي على عائلات الرهائن لزيادة الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية، وثانيًا، استنفاد الآليات السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتكثيف الضغوط الدولية على إسرائيل.
وأدلى نتنياهو بتصريحات صاخبة في ذلك الوقت ادعى فيها أنه يسعى لمنع السنوار من الهرب مع الرهائن. وفي مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام الأجنبية في القدس، قال إن حماس تخطط لتهريب رهائن إلى خارج غزة عبر محور صلاح الدين واستخدم نتنياهو هذه المسألة لتبرير احتلاله رفح وتمسكه بالمحور ونسفه مفاوضات الصفقة.
وكتبت صحيفة “جويش كرونيكل” في اليوم التالي أن تقارير عسكرية سرية في إسرائيل تشير إلى أن السنوار يريد مغادرة غزة لإنقاذ حياته، لأنه فهم أن الحرب انتهت، ولهذا السبب فإن محور فيلادلفيا مهم للغاية بالنسبة له؛ لأنه الطريقة الوحيدة لتحقيق خطة هروبه.
وفي 11 سبتمبر الماضي، سرَّبت جهات عسكرية في تل أبيب أنباء قالت فيها إن الجيش الإسرائيلي يحقق في «تسريب وثائق مزوّرة يُزعم أنها لحركة حماس، نُشرت في وسائل إعلام أجنبية، مؤخرًا” بما يتوافق مع ما يدّعيه ويروّج له رئيس الحكومة، نتنياهو، خصوصًا فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا، وإحجام “حماس” عن التوصّل لاتفاق تبادل أسرى.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عبر موقعها الإلكتروني، آنذاك، إن التسريبات إلى الصحيفتين تثيرا قلقاً وغضباً كبيرَين في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وأنها تسعى إلى «هندسة وتشكيل الرأي العام في إسرائيل بما يلائم رأي جهات سياسية».
وذكر تقرير الصحيفة العبرية أنه تمّ فتح تحقيق داخلي في الجيش الإسرائيلي لمحاولة معرفة مَن الذي يتلاعب بوثائق حماس السريّة التي تم الاستيلاء عليها في غزة، أو في تلك التي يُزعم أنها أُخذت من الحركة فقط، ويمرّرها إلى وسائل الإعلام الدولية.
وأشار التقرير إلى أن هذه القضيّة ستزيد من حدّة التوتّر بين نتنياهو ومقربيه، وهو التوتر الذي وصل بالفعل إلى ذروة جديدة في أعقاب الخلاف العميق بين الأطراف المحيطة به بشأن الصفقة.
وذكرت “أحرونوت” إن كلاً من الصحيفتين، «بيلد» و«جويش كرونيكل»، تكشف عن وثائق داخلية وسريّة للغاية لـ”حماس”، يُفترض أن السنوار كتبها أو أُخذت من حاسوبه، وأن “عقلية وتعليمات واستراتيجية السنوار (وفق الوثائق) تعكس بالضبط ما زعمه نتنياهو في خطابه ومقابلاته، التي بموجبها يحاول السنوار زرع الانقسام لدى الجمهور الإسرائيلي “.
ولكن فحص الوثائق، وفق “احرونوت “، يُبين أن الوثائق لا تعود للسنوار على الإطلاق أو أنها مأخوذة من ذهنه، بل هي اقتراح من مسؤول متوسّط الرتبة في حماس قدمها لرؤسائه.
ووفقاً للتحقيقات، فإن الوثائق المزورة لم تكن مجرد فعل طائش أو لعبة خبيثة من أحد الموظفين، بل كانت جزءاً من خطة مفصلة أعدها طاقم مستشاري نتنياهو المقربين. ويُعتقد أن رئيس الوزراء نفسه كان شريكاً في هذه الخطة.
التحقيقات التي أجرتها وحدة 443 للتحقيق في الجرائم الخطرة، بناءً على طلب من قيادة الجيش، أفضت إلى اكتشاف أن المسؤول عن رسم خطة التسريب هو موظف في دائرة الناطق بلسان نتنياهو، وهو مقرب جداً منه. هذا الموظف حاول نتنياهو توظيفه بشكل رسمي كموظف دولة برتبة مستشار إعلامي، لكنه أخفق في اجتياز اختبار التصنيف الأمني، مما دفع نتنياهو لتعيينه عبر اتفاق خارجي.
التحقيقات كشفت أيضاً أن الوثائق سُرقت من خزينة السكرتير العسكري للحكومة دون علمه، وأن التزوير تم في مقر رئيس الحكومة بواسطة المستشار الإعلامي المذكور.